أكد المعارض السوري محمد العبدالله أن المعارضة تراهن على تعزيز العقوبات الدولية ضد نظام الرئيس بشار الأسد، موضحا أن إخراج الأسد من السلطة بات ممكنا، لكن ضمن تسويات مع الطائفة العلوية. وأفاد في حديث أجرته «عكاظ» أن الضغوط التي تمارس على دمشق والمتزامنة مع الاحتجاجات الداخلية تؤتي أكلها، فضلا عن الضربة القاصمة التي تعرض لها النظام في الحاجة إلى النفط والغاز التي ستكون أكثر وطأة في الأيام المقبلة، وأشار إلى أن الحل الأمني لم يعد مجديا بعد مرور أكثر من تسعة أشهر على المظاهرات .. فإلى نص الحوار: • على ماذا تراهن أطياف المعارضة السورية، بعد كل ما قدمه المتظاهرون، والدول العربية والعالم من عقوبات ونظام الأسد باق يحكم؟. تراهن المعارضة على الشعب السوري وعلى استمرارية الثورة وعلى استنزاف طاقات النظام، وعلى وضعه في مواجهة الشعب بمواجهة مكشوفة نجحت فيها المعارضة في تعرية النظام أمام الرأي العام السوري والعربي والعالمي. وفي الحقيقة أن القمع والقتل لم يعد مقبولا كوسيلة حكم في أي بلد في العالم وهذا الأمر الذي يقوم به النظام السوري. العقوبات التي فرضت على النظام قاسية للغاية، مغايرة لحد كبير أو أذكى لحد كبير من تلك التي فرضت على أنظمة أخرى كصدام حسين أو القذافي سابقا. في الحالتين لم يواجه النظامان أية ضغوط شعبية تذكر، في حين يواجه الأسد عقوبات قاسية وشديدة، لا سيما في قطاعي الغاز والنفط، مع ثورة شعبية عارمة وتظاهرات لا تكل ولا تمل. باختصار، يمكن الرهان على فشل الحل الأمني وهذا ما أثبتته تسعة أشهر من التظاهر التململ في أوساط الجيش والذي سيدفع إلى انشقاقه، وأيضا على أن تحسم الشخصيات القيادية في النظام والطائفة العلوية قرارها بالوقوف إلى جانب الشعب السوري وليس إلى جانب النظام. هذا يعني أن إخراج الأسد من السلطة ممكن ضمن تسويات معينة تجري فيها طمأنة الطائفة العلوية والأقليات الأخرى في سورية. • يقال إن نفوذ وقدرة المعارضة أقل من حجم الثورة، إلى متى هذا الضعف، وهل من سبيل لتكون أكثر فاعلية؟. المشكلة أن المعارضة السورية وليدة نظام قمعي لنصف قرن، وهذا أنتج معارضة ضعيفة جدا ومفككة. وهذه هي سمات المعارضة التقليدية قبل الثورة. وما أنتجته الثورة هو أمر مختلف تماما؛ لأن الثورة انطلقت من الشارع، وتفاجأت بها المعارضة التقليدية كما تفاجأ بها النظام تماما. وأي من الطرفين لم يكن مستعدا لها أو ينتظرها. لقد أفرزت الثورة قيادات كثيرة وشابة، قسم كبير منها في الداخل السوري وقسم آخر في الخارج، وتتمتع هذه القيادات بروح عمل جماعي، وثقة كبيرة بالآخر أنتجتها الثورة. وفي الحقيقة أن الوضع الأمني الصعب استحال دون أن تضطلع هذه القيادات الشابة بأي دور قيادي في العملية السياسية فاقتصر دورها في الداخل على العمل التنظيمي والميداني، وهو أساسي طبعا، ودورها في الخارج على الدعم الإعلامي والضغط السياسي على المجتمع الدولي. الحل الأمثل برأيي هو بإتاحة المجال أكثر أمام القيادات التي أفرزتها الثورة للمشاركة في قيادة الثورة سياسيا. • حتى الآن مازال العالم يستخدم لغة أخلاقية أكثر من سياسية حازمة ضد الأسد، برأيك لماذا؟. لا أرى أن العالم يستخدم لغة أخلاقية فقط، على الإطلاق. الوضع في سورية معقد للغاية. هناك قلق لدى المجتمع الدولي من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية. وهناك محدودية في الخيارات مع النظام السوري كون أي من الدول العربية أو الغربية تملك تأثيرا بشكل ما على الأسد. الإسراع في اتخاذ خطوات مواجهة قاسية مع النظام السوري ليس بالأمر السهل دوليا، إذ يجب أن يحظى الموضوع بإجماع دولي عبر الأممالمتحدة. فالنظام السوري بحال أفضل من القذافي. يتعامل بطريقة أذكى بكثير. يقتل عددا كافيا لقمع التظاهرات وغير كاف لجلب تدخل دولي مباشر؛ بمعنى أن تدخلا عسكريا سيكون مباشرا في حال أقدم النظام على قتل آلاف المواطنين في مذبحة شبيهة بما حصل في حماة عام 1982م إلا أن القتل البطيء يفرض على المجتمع الدولي التدخل لحماية المدنيين وهذا يستوجب استنفاد كل الطرق الممكنة وبالترتيب من الألين إلى الأقسى إدانة، فعقوبات، فقرارات مجلس الأمن، فملاحقات قضائية، وصولا إلى صيغ أقسى من بينها إقامة منطقة عازلة داخل الأراضي السورية تشكل ممرات آمنة وملاجئ للشعب السوري. • ماذا بالنسبة للدور التركي في الأزمة السورية، الكثير ينظر بحيرة إلى هذا الموقف، خصوصا أنها لم تعترف بالمجلس الوطني؟. تركيا واجهت مشكلة عميقة نتيجة ما يحصل في سورية. من جهة هي دولة حليفة لسورية، ومن جهة أخرى لا يمكن أن تقبل بالقتل الذي ينتهجه الأسد بحق شعبه. علاقاتها التجارية مع سورية متينة، لكنها ستشارك في العقوبات ضد النظام قريبا. حاول رئيس الوزراء أردوغان أن يستخدم حظوته وتأثيره على الأسد في بداية الثورة، تلقى وعودا كثيرة من الأسد لم ينفذ منها شيئا. لا ترغب تركيا بالانزلاق إلى عمل عسكري بحق النظام السوري، وإن فعلت فهي تنتظر غطاء دوليا لمثل هذا التحرك. السيناريو الأكثر قربا للواقع هو تنفيذ منطقة عازلة داخل الأراضي السورية، يفرضها الجيش التركي. ولتركيا خبرة طويلة في ذلك، ونفذت ذات التجربة في العراق بعد تحرير الكويت. ينتظر الأمر قرار مجلس الأمن أو قرارا دوليا بالتحرك. الجامعة العربية توفر غطاء سياسيا لمثل هذا التحرك بعد عزل نظام الأسد في الجامعة. • المعارضة في الداخل ترفض إسقاط النظام، فيما تؤكد المعارضة الخارجية ضرورة ذلك، كيف يزول نظام الأسد في ظل اختلاف المعارضة؟. أولا، ليس هناك ما يمكن أن نسميه ب المعارضة؛ لأن هناك معارضات وهي كثيرة، فرقاء سياسيون كثر يختلفون في رؤاهم وأيديولوجياتهم السياسية. والمعارضة التقليدية في الداخل السوري تقف إلى جانب الثورة ومع إسقاط النظام بشكل واضح. والجزء الأكبر من هذه المعارضة يتمثل في إعلان دمشق للتغير الوطني الديمقراطي والأحزاب الكردية. هناك بعض القوى السياسية الأخرى التي ترغب في الحوار مع النظام لعدة أسباب، إما عدم إيمانها بإمكانية إسقاط النظام أو الرغبة في الحصول على بعض المكاسب في حال بقاء النظام. الملفت في الأمر أن الثوار سارعوا إلى تمييز المعارضات وإلى دعم تلك التي تنادي بإسقاط النظام. الطرف الوحيد الذي لا يريد إسقاط النظام حسب علمي هو هيئة التنسيق الوطني وبعض الشخصيات القومية أو اليسارية التي لا تزال متمسكة بأيديولوجيا عقيمة. • عمل حافظ الأسد على تصميم الدولة بمواصفات طائفية خاصة، وأنتم تطالبون بإسقاط النظام، ألا تعتقد أن شعاركم يدفع البلاد إلى مزيد من الفوضى، وما الضمانات؟. لا نرى أن المطالبة بإسقاط النظام تدفع إلى الفوضى بتاتا، من يقود الفوضى اليوم هو النظام السوري وليس الثورة. حافظ الأسد صمم دولة بوليسية من طراز رفيع، لا تؤمن إلا بالعسكر والأمن، وتنتمي لطائفة واحدة هي طائفة السلطة ضد طائفة كبيرة أخرى هي طائفة الشعب. ولم تنطلق الثورة من مواقف طائفية أولا، ولا تستهدف إسقاط طائفة بعينها أو فريق بعينه، هي تستهدف السلطة بمن فيها، مع اختلاف طوائفهم دون فرق بينهم، جميعهم في السلطة وعلى الجميع الرحيل. من ناحية ثانية، يقوم النظام بإخافة أبناء الأقليات في سورية عبر بث دعايات من قبيل أن النظام يحمي الأقليات وأن سقوط النظام سيعرض الأقليات للخطر. الوضع أكثر تعقيدا بالنسبة للطائفة العلوية، النظام يخيفها بأن الثورة تستهدفها وأن الطائفة ستكون في خطر في حال سقوط النظام. وهذا كلام غير منطقي ولا يقبله عاقل. بالمثل لم يحم أي نظام العلويين في سورية قبل نظام البعث. وثانيا، أن الثورة لا تستهدف إلا السلطة الحاكمة، وهي واضحة في شعاراتها ومطالبها.