طالعتنا الصحف المحلية الورقية مؤخراً بعناوين قد يستغربها بعضهم، ويكاد لا يصدقها حول هجرة مليون سعودي، يقيمون حالياً خارج المملكة. وقد ناقش أعضاء مجلس الشورى السعودي الأسبوع الماضي هذا الموضوع، فأوضح بعض الأعضاء أن على وزارة الخارجية تدارك الأمر بسرعة لخطورته، ولكونه أخذ يزداد خلال السنوات الأخيرة. وحقيقةً، أشاطر مجلس الشورى قلقه بهذا الخصوص، وأرى أنه أمر غريب نوعاً ما، لعدة أسباب، لعل من أبرزها أن هناك ملايين الأشخاص من عدة جنسيات يرغبون في دخول المملكة بغية الاستقرار، والعيش فيها، إضافة إلى الحصول على الجنسية، وفرص العمل، وغير ذلك من الأمور التي لا يتسع المقام لسردها، وقد بيَّنت عدة تقارير أن ما يزيد عن 30 مليون شخص، يرغبون في دخول المملكة، لذلك نجد أن المعادلة صعبة إذا ما تمت المقارنة بين مَنْ يخرح من المملكة منها، ومَنْ يرغب في دخول المملكة، ولعل ذلك ما دفع بعض أعضاء مجلس الشورى إلى مناقشة الموضوع. لكن اللافت للانتباه هو أن الدول الأخرى لا يمكن أن ترحِّب، أو تعطي الوافد سواء كان سعودياً، أو من جنسية أخرى، فرص عملٍ، وتحجبها عن مواطنيها، وهذا يعني أن أغلب مَنْ خرجوا من المملكة لديهم رؤوس أموال وإمكانات كبيرة متاحة من شأنها أن تسمح لهم بالإقامة خارج البلد، وبالتالي يجب على الجهات ذات الاختصاص أن تهتم بالأمر بصورة أكبر، على ألا يقتصر ذلك على وزارة الخارجية فقط، كما وجَّه أعضاء مجلس الشورى، بل يجب على كل الجهات دراسة ومراجعة التسهيلات الخاصة بالاستثمار، وشريحة المتقاعدين، وفئة الشباب حتى تكتمل منظومة استثمارية واضحة، نستطيع من خلالها جذب أبناء الوطن على الأقل من الناحية الاقتصادية، وهو ما يسعى إليه الجميع، إضافة إلى معالجة مكمن الخطر الآخر وهو ضعف الارتباط الأسري، الذي يترتب عليه «إشكالات» لا حصر لها، وكذلك الأمور الأمنية، والاجتماعية، والثقافية، وغيرها من «تراكمات»، يصعب سردها حالياً. لذا لا يجب ترك هذا الأمر دون معالجة ودون تحديد الجهات المسؤولة عن ذلك، كما أن من الواجب علينا بصفتنا مواطنين ومهتمين ومتابعين، المشاركة في معالجة هذا الموضوع، الذي تطرق إليه «الشورى» مشكوراً حتى يكون الحل شاملاً، ووفق طرق مدروسة وحضارية للحفاظ على نسيج ووحدة المجتمع، واستثمار طاقات أبنائه لا طاقات الغرباء.