بالأمس كان طريق الباحة – العقيق، يضم على جنباته جثتي شابين ضئيلي الجسم، ذكر لي عدد من زملائهما، أنهما كانا في طريقهما إلى جامعة الباحة قبل أن يتعرضا إلى حادث سير مؤلم، وقبل فترة، حينما كنت أسلك نفس الطريق، وجدت شاباً «مغطى بشماغه» على حافة الطريق، استفسرت عنه، فقالوا لي: لقد فارق الحياة قبل دقائق بسبب انقلاب مركبته، وهو في طريقه إلى الجامعة. غادرت المكان، وأنا حزين على مصير هذا الشاب، الذي توفي قبل أن يصل إلى جامعته. الزميل علي الرباعي، رئيس مكتب صحيفة عكاظ فقد فلذة كبده، وهو في طريقه إلى الجامعة نفسها. كثيرون من طلبة الجامعة لقوا حتفهم، وكثيرون أصيبوا على الطريق، سألت بعضاً من طلاب الجامعة: لماذا باتت الحوادث التي تتعرضون لها كثيرة حتى إنني أعتقد أن ثلاثة أرباع تلك الحوادث تقع لطلبة الجامعة؟ فأجابوا: أكثر الحوادث تقع في فترة الامتحانات لعدة أسباب منها الأرق بسبب السهر طوال الليل من أجل الدراسة، أو التأخر عن موعد الامتحان، ما يجعلنا نسرع حتى لا نُحرم من دخول قاعة الامتحان، فتحدث الفاجعة. جامعة الباحة في إمكانها التقليل من هذه الدماء المراقة لو أنها تنهي سكن الطلاب، الذي تقوم بإنشائه منذ 8 سنوات حتى الآن، في واحدة من أسوأ صور التعثر. قرابة 2500 طالب ينتظرون أن يجهز السكن حتى لا يكونوا عرضة للحوادث التي تقع على طريق الجامعة الطويل. مسؤولو الجامعة، ووزارة التعليم لن يسلموا من وزر هذه الدماء، التي تسببوا في سفكها حتى لو كان ذلك بطريقة غير مباشرة، وسيبقى ذلك المبنى، الذي يقال إنه يتسع إلى مئات الطلاب، ويتم إنشاؤه منذ 8 سنوات، ولم يكتمل حتى الآن، أكبر شاهد على الإهمال واللامبالاة، إذ إنه أشبه بالبيت المهجور. حسرة كبيرة على تلك الأرواح البريئة، وحسرة أخرى على الأموال التي تُنفق على مشاريع معطلة لم يستفد منها المواطن.