من المفارقات أن مصطلح “الخصوصية السعودية” أكثر ما نتداوله في سجالاتنا الفكرية والإعلامية ، فيما خصوصياتنا الشخصية تتعرض إلى انتهاكات يومية، في ظل غفلة أو سكوت أو تواطؤ الجهات التي يفترض بها أن تحميها! جولة صغيرة على المنتديات الفضائحية كافية لتعرف أن خصوصيتك على كف “نتيّت”، لا يكلفه نشرها أكثر من ضغطة زر! دعونا نتجاهل حالات الانتهاك الفردي لخصوصياتنا، فليس من المنطق أن نطلب من جهاز حكومي – بكبره – مطاردة ولد مراهق نشر كشفاً بحساب أحدنا، أو أرقام هواتفه، أو صوراً تخصه، بعد أن اخترق جهازه! لكن الذي لا يمكن أبداً تجاهله، تطوّر الانتهاك من كونه عبثاً فردياً، إلى عمل مؤسساتي، إما بشكل منظم ومقصود، بمقابل مادي أو كتبادل مصالح، وإما بوجود نظام معلوماتي يسمح لبعض موظفي المؤسسات التي تتوافر على قاعدة بيانات للمتعاملين معها، بالاطلاع عليها ونشرها والمتاجرة بها دون قيود! التقنية المعلوماتية ليست عاجزة عن حماية بياناتنا من القرصنة والمتاجرة والعبث! القوانين موجودة لكنها معطلة، ولو فعّلت بالشكل الصحيح لابتكرت كل المؤسسات المُتاجِرة برنامجاً صغيراً يمنع أي دخول على قاعدة البيانات إلا لمستخدمين محددين، ويعرف متى ولماذا وماذا حصلوا عليه من معلومات! لنا “خصوصية” نسدّ بها طريق كل من/ ما لم يأتِ على هوانا، و”خصوصية” أخرى نمهّد بها الطريق المؤدي إلى قواعد بياناتنا! حقاً.. لنا خصوصية في كل شيء!