بعد أسابيع من إعلان الانتصار على "داعش" في الرمادي؛ أقرَّ مسؤولون عراقيون بمواجهة نخبة قوَّات مكافحة الإرهاب صعوبةً في إعادة تأهيل المدينة. وربط المسؤولون بين الصعوبات وملء متشددي التنظيم الإرهابي الشوارع بألغام وقنابل لم تنفجر بعد. وتحولت كثيرٌ من مناطق الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار غربي بغداد، إلى ركامٍ بعد أكثر من 6 أشهر على بدء حملة عسكرية لإخراج المتطرفين منها. وفي ديسمبر الماضي؛ نجحت قوات مكافحة الإرهاب في دفع مسلحي "داعش" إلى الضواحي الشرقية للمدينة، لكن حوالي 500 ألف من السكان الفارّين لم يعودوا بعد. وأشارت مصادر أمنية إلى تركيز القوات على تأمين الشوارع الرئيسة والمباني ذات الأهمية. وأقام الجنود تلالاً من التراب عند مداخل الأحياء المركزية التي تمَّ إخلاؤها من المتطرفين، لكن الشوارع والمنازل لا تزال مكتظةً بالمتفجرات، لذا كُتِبَ على المباني من الخارج "مفخَّخ". ووصف معاون آمر الفوج الثاني في جهاز مكافحة الإرهاب، الرائد سلام جاسم حسين، تنظيم "داعش" بأنه "أكثر من استخدم العبوات الناسفة والمواد المتفجرة على مدى العصور، حيث لم يترك الإرهابيون شبراً داخل الشوارع والأزقَّة إلا فخخوه، ولم يتركواً منزلاً من منازل المواطنين الأبرياء إلا ووضعوا العبوات الناسفة فيه، في محاولة لإعاقة تقدم القوات". ولاحظ حسين استخدام المتشددين تقنيات متطورة لصنع المتفجرات. ولفت إلى "تنوع أساليب التفخيخ وكثرتها". وتدارك "لكن المُلاحَظ أنها أساليب حديثة، التنظيم على درجة عالية من الإتقان في صنع المتفجرات"، مشيراً إلى رصد مقاتلين طاجيكيين وفرنسيين وبريطانيين بين المتطرفين الذين تمَّ قتلهم". واجتاح التنظيم الإرهابي الرمادي في أوائل صيف العام الماضي مع انسحاب آلاف الجنود النظاميين في انتكاسة كبيرة. لكن الجيش بدأ لاحقاً حملةً لتحرير المدينة بدعمٍ جوي من مقاتلات التحالف الدولي ضد الإرهاب. وأعلنت بغداد في ديسمبر الماضي نجاح الحملة، لكن الدمار والمتفجرات التي زرعها المتطرفون حالت دون عودة السكان. إلى ذلك؛ أعلنت قوة المهام المشتركة التابعة للتحالف تنفيذ مقاتلاته أمس الأول 13 ضربة جوية في العراق و5 في سوريا ضد مواقع ل "داعش". وأفادت القوة، في بيانٍ لها أمس، بتنفيذ 6 ضربات قرب الرمادي استهدفت 3 وحدات تكتيكية و5 مناطق تجمع ومنصتين لإطلاق صواريخ وموقعين قتاليين ومخزن أسلحة. فيما نفذت المقاتلات 3 ضربات قرب الموصل، وضربتين قرب القيارة، وضربة قرب كركوك وضربة في سنجار و"دمَّرت مخبأ تابعاً للتنظيم ووحدات تكتيكية وعربات وعبوة ناسفة بدائية الصنع محمولة على مركبة". وفي سوريا؛ استهدفت 3 ضربات وحدة تكتيكية قرب منبج ودمرت نظام قذائف مورتر وموقعين قتاليين ومبنيين. ونُفِّذَت ضربتان أخريان قرب الهول على موقعين قتاليين ونظام أنفاق وفي دير الزور حيث دمرت 3 رافعات. وذكرت قوة المهام المشتركة أن الرمادي كانت هدفا رئيساً أيضاً السبت الماضي عندما نفذت مقاتلات التحالف 7 ضربات دمرت عربة و3 مواقع قتالية وحرمت المتطرفين من الوصول إلى أراضٍ. وإجمالاً؛ نفذت المقاتلات السبت 18 ضربة جوية في العراق حيث قصفت مواقع قرب الموصل وكركوك وسنجار وتلعفر والقائم والحبانية، مقابل 5 ضربات في سوريا في الحسكة والرقة وعين عيسى ومارع. في سياق آخر؛ اتفق وفد من إقليم كردستان، شمالي العراق، مع حكومة حيدر العبادي في بغداد على "التعاون فيما يتعلق بإصلاحات" تستهدف التعامل مع أزمة اقتصادية حادة تؤثر على الجانبين. وتعتمد الحكومتان المركزية والإقليمية على عائدات صادرات النفط، لذا تضررتا بشدة بعد الانخفاض اللافت في الأسعار العالمية للخام. وتوترت العلاقات بين الطرفين في السنوات الأخيرة بسبب خلافات على حصة الإقليم من الموازنة العامة واقتسام إيرادات النفط. وأمس الأول؛ اجتمع الوفد الكردي بقيادة رئيس وزراء كردستان، نيجيرفان البرزاني، مع رئيس الوزراء العبادي ومسؤولين حكوميين آخرين. وأكد المتحدث باسم العبادي، سعد الحديثي، بعد المحادثات أن "الاجتماع كان إيجابيا فيما يتعلق بطبيعة المشكلات والقضايا الشائكة التي ما زالت عالقة بين الطرفين". وتحدث عن "مزيد من الاجتماعات ستُعقَد بشكل منتظم". وآخر اجتماعات من هذا النوع جرت في يوليو الماضي. وكان مسؤولون أكراد حذروا في الأسابيع الأخيرة من مواجهة منطقتهم شبه المستقلة انهياراً اقتصادياً. وشهدت المنطقة حالة ازدهار في أعقاب الغزو الأمريكي عام 2003، إذ حصلت على نصيب من إيرادات صادرات النفط المتزايدة. لكن بغداد قطعت حصة الأكراد من الميزانية في عام 2014 بعدما أقاموا خط أنابيب خاصاً بهم يصل إلى تركيا وبدأوا في تصدير النفط دون موافقة الحكومة المركزية في إطار سعيهم لتحقيق استقلال اقتصادي. وزادت صادرات الإقليم منذ ذلك الحين إلى ما يفوق 600 ألف برميل يومياً، لكن تراجع أسعار النفط خلَّف أزمة ديون، لذا لم تُدفَع رواتب الموظفين العموميين في الإدارة الكردية منذ 5 أشهر. وقدَّرت بغداد عجز الموازنة الاتحادية للعام الجاري بنحو 24 تريليون دينار (20.41 مليار دولار). واعتبر وزير المالية في الحكومة المركزية، هوشيار زيباري، أن الأكراد مضطرون تحت وطأة الأزمة الاقتصادية إلى بحث إحياء اتفاقٍ مع بغداد لإعادة حصة منطقتهم من الميزانية مقابل تصدير النفط تحت إشراف الدولة. ولم يُشِر الحديثي إلى ما إذا كان ذلك نوقش خلال اجتماع الأحد.