ما يحدث هذه الأيام من بطر بالنعمة، وصلت الأمور إلى أن يسكب أحدهم السمن على يد الضيف، وآخر يطلب من الضيوف أن يغسلوا أيديهم بدهن العود، بدلاً من الماء، بقوله: «لا يوجد عندنا ماء»، وثالث يضيف أوراقاً نقدية إلى دلته بديلاً «للبهار»، وغير ذلك من السلوكيات الخاطئة. مشاهد تنقلها لنا الكاميرا عبر وسائل التواصل، كأكوام الطعام الزائد، والذي «يكب» بواسطة الجرافات في أماكن النفاية، وآنية الطعام التي تصنع من عدة أدوار، ويرتقي أحدهم بالسلم كي يتناول منها الفاكهة وغيرها. مشاهد أخرى تتمثل في نثر أكياس الهيل في المجلس، واستخدام الدراهم بدلاً عن «البيز» لمسك الدلة، وتقديم عدد من « المفطحات» على سفرة الضيف، ثم يتقدم المضيف، ويعتذر بقوله: «اعذرونا على الحاصل، ودنا أنها أكبر من كذا»، يعذروك على ماذا أيها المكابر؟ لا بأس بالدعاء بأن لا يؤاخذنا الله بما فعل السفهاء منّا، ولكن هؤلاء ليسوا سفهاء، هؤلاء أثرياء استطاعوا أن يكسبوا هذا المال بطريقة أو بأخرى، ومن المؤكّد أنها – أي الطريقة – لم تكن بكد أو عرَق أو جهد أو مشقة أو عناء، لأنها لو كانت كذلك، لحافظوا على ذلك المال، ولصرفوه في أوجه الخير، بدلاً من تبذيره. لنا في شعوب بلدان كثيرة عبرة وعظة، كان سكانها في رغد من العيش، ثم كفروا بأنعم الله، فأذاقهم لباس الجوع والخوف، تخيّلوا لباس الجوع والخوف، ما أصعبها من حالة! وما أقساه من عذاب. أنا واثق أنه إلى الآن لم تقع عين حكومة الحزم على أفعال هؤلاء العابثين بعد، وإلا لرأينا منها ما يردع أصحاب تلك السلوكيات المشينة، حفاظاً على تلك النعم من الزوال، واتقاءً لانتقام الله وسخطه. أتمنى ألاّ يكون الجوع هو الخطر القادم!