مشكلتنا، التي لا مشكلة قبلها ولا بعدها، هي أننا لم نستوعب المتغيرات الاقتصادية، ولم ندرك المرحلة التي تمر بها المملكة، فنحن في حاجة إلى مزيد من الوعي، وتفهُّم طبيعة تلك المتغيرات المتسارعة، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال المواطن المثقف، الذي يعرف كيف يتفاعل مع الأمور، ويكيِّف نفسه وأسرته بشيء من الحكمة، ويصل إلى حلول تغيِّر نمط تفكيره المرهق بالعادات والتقاليد مثل: الإسراف في حفلات الزواج والمناسبات، وهو ما يرهقه مادياً، ويُهدر الطاقة الكهربائية، والحل بأن تنتهي الحفلات في الساعة الثانية عشرة ليلاً وبعدها يتم إغلاق الإضاءة، فتقتصر على العائلة فقط، كما يجب عدم الإسراف فيما يُقدم على موائد الطعام مما لذ وطاب، ثم يرمى نصفه في سلة القمامة. والسؤال المهم: هل نستطيع أن نغيِّر نمط العمران حتى نحدَّ من استهلاك الماء والكهرباء، واستيراد «السيفونات»، التي تقتصد في استخدام الماء، واستخدام المصابيح الكهربائية التي لا تستهلك طاقة كبيرة؟ أمور كثيرة يجب أن نبدأ في ترشيدها في البيت، وتعليم الأولاد عليها فالكل مسؤول عن الحفاظ على الطاقة، كما علينا أن نشدد على نشر الثقافة الاستهلاكية السليمة في المدارس، واتخاذ التدابير المنزلية العامة، واعتماد أفضل الممارسات، وإجراء التعديلات على الأجهزة غير الفاعلة، كما أن ترشيد استهلاك المياه هو من المواضيع الحيوية التي تشغل الرأي العام العالمي، ولا ينبغي تجاهله لأننا مسؤولون جميعاً عن الحفاظ على الموارد الطبيعية، وممارسة الأساليب الحضارية في التعامل مع المياه، وتكييف عاداتنا اليومية مع الحلول العملية، التي تقدمها الدراسات العملية في هذا المجال. والترشيد هو الاستخدام الأمثل للمياه، بما يؤدي إلى الاستفادة منها بأقل كمية، وأرخص التكاليف المالية الممكنة. وعندما نتحدث عن ترشيد الاستهلاك، فإننا نهدف إلى توعية المستهلك بأهمية المياه باعتبارها أساس الحياة، وتنمية الموارد المائية أصبحت مطلباً حيوياً لضمان التنمية المستدامة في كافة المجالات، ويجب أن نوضح أن الدعوة إلى ترشيد الاستهلاك لا يقصد بها الحرمان من استخدام المياه بقدر ما يقصد بها العمل على تربية النفس، والتوسط، وعدم الإسراف، قال الله تعالى «يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ». ومن هنا أشدد على دور الإعلام في المدارس والجامعات والتليفزيون ومسؤوليته التوعوية بتبيان أهمية الترشيد، وبأن الأمر لن يكون قاسياً علينا فبلادنا والحمد لله بخير، ومخزوناتها جيدة، وواجبنا بصفتنا مواطنين أن نساعد الدولة لتقوم بدورها الاقتصادي.