«مافي شي بحمص» عبارة شهيرة تضاف إلى قاموس حزب الله وأمينه العام حسن نصرالله لتجسّد السقوط المريع لشرعية الحزب على الصعيد العربي والإسلامي، أو بالأحرى ما تبقى منها، هذا إذا كان قد تبقى منها شيء أصلا بعد العام 2008 و العبارة الشهيرة «7 أيار يوم مجيد». ولمن لم تسعفه ذاكرته، فإن 7 أيار عام 2008، شهد استخدام حزب الله لسلاحه في الداخل اللبناني بما يشبه عملية اجتياح مصغّرة للعاصمة بيروت والمناطق المحيطة بها بعد محاصرتها وأهلها في البر والبحر والجو، علما بأنّ نصرالله كان قد أقسم أغلظ الأيمان هو وحزبه بعدم توجيه هذا السلاح نحو صدور اللبنانيين. ولكنه لم يكتف بفعل العكس، بل يفتخر به ويعيد التهديد بإمكانية تكراره إذا ما لزم الأمر! وعليه، ليس من المستغرب أن تكون مواقف حزب الله مما يجري في سوريا على هذا النحو، بل وليس هناك أفضل من حزب الله والنظام الإيراني في تقديم العون والمشورة والدعم للنظام السوري في هذه المحنة القاسية التي يمر بها. فقد سبق لحزب الله الاعتداء على بيروت عام 2008 بنجاح وفعالية، وكذلك أخمد نظام الولي الفقيه «الفتنة والمؤامرة» بنجاح عندما اعتدى على المتظاهرين العزّل عام 2009، وجاء الدور على الشعب السوري في العام 2011. والحقيقة أنه لا يحق لنا أن نلقي باللو م على حزب الله وأمينه العام. فالجميع بات يعرف أنّ الحزب إيراني من الألف إلى الياء وأنّ أمينه العام مجرد جندي عند المرشد الأعلى، بل هو يتشرف أن يكون جنديا إيرانيا، وهذا ليس اختراعا أو افتراء ندّعيه إنما ما قاله نصرالله بلسانه من أنه يفتخر بأن يكون فردا في حزب ولاية الفقيه. وقبلها افتخر أيضا بأنه حليف لنظام الأسد، و»على راس السطح» كما قال. ووفقا لمحتشمي بور الذي لعب دورا رئيسيا في تأسيس حزب الله، فإن الحزب قاتل في صفوف جيش الخميني والحرس الثوري ضد العراق، وهذا يعني أنّ مسألة التجنيد والجندية مسألة تخطيناها منذ عقود ونتحدث الآن عن السقوط. والسقوط هنا ليس السقوط السياسي أو المالي أو العسكري حتى، رغم أنّ المعادلة السارية منذ العام 2006 تثبت أن الحزب سقط سقوطا مريعا على مختلف هذه الأصعدة، وإنما السقوط الأهم والأعظم هو السقوط الأخلاقي والقيمي والديني والإنساني، والذي يحاول الحزب التسترعليه باجترار فلسطين إعلاميا كلما احتاج إلى جرعة معنويات تنتشله من هذا السقوط. ولا حاجة طبعا للحديث في هذا السياق عن أن هذه الأحداث إنما أكدت المعطى السابق عن أنّ الحزب طائفي بامتياز، وأن كل ما عدا ذلك إنما هو مسرحية للتغطية على الوجه الكالح. لكن المفارقة أن من يتحدث كثيرا عن «أشرف الناس» و»أطهر الناس» لا يسعفه الشرف على ما يبدو حتى بمجرد الاعتراف بحق الموتى الذين بلغ عددهم في مجزرة ذلك اليوم في حمص وحدها أكثر من 217 غير الجرحى والمعتقلين والمعوقين واليتامى والأرامل، بل ويصر على إذلال الشهداء من الأطفال والنساء والعزّل بالقول إنه «مافي شي في حمص»! في حمص يوجد عزّة وكرامة وشرف وحرية ولكن العبيد لا يدركون.