يتعرض الإنسان إلى عدد من الأحداث التي تؤثر عليه نفسياً وبدنياً واجتماعياً، وهذه هي طبيعة الحياة أفراح وأتراح وأمراض وحوادث وأحداث وأيام حلوة وأيام كفانا الله شرها، فالحياة صبر وفرح وعسر ولا تستقيم إلا بالصبر، فالصبر ضياء وخلق حسن وحصن حصين وهو النصر والنجاح وزاد المسلم، والصبر حبس النفس ابتغاء وجه الله سبحانه والصبر منع النفس وحبسها عن الجزع باللسان بالقول والتشكي ومنع الجوارح بالتشويش على البدن، والصبر اتباع أوامر الله واجتناب ما نهى عنه بالفعل والقول فهو صبر على المصائب وصبر على العبادات وصبر على اجتناب المعاصي وصبر على أحوال الدنيا فمن لا صبر له لا عون له فالصبر نفسي وبدني. فالمسلم عبد لله ومتوكل على الله فحياة المسلم كلها لله وما يصيب المسلم إلا بأمر الله «قضائه وقدره»، فالإيمان نصف صبر ونصف شكر والصبر تمحيص من الله للمسلم وهو اختبار لإيمان المسلم بالقضاء والقدر خيره وشره وذلك لأن درجات الصبر عظيمة فلقد أمرنا الله بالصبر وبشر الصابرين بأن لهم الأجر العظيم ولهم الجنة، فحياة المسلم كلها صبر ولقد قيل الصبر في أمرين في الحب والكره. فمن يتصبر يصبره الله، فالنصر مع الصبر والفرج مع الكرب والعسر مع اليسر والنجاح مع الصبر. فمن صبر على عدم اتباع مغريات الدنيا وأهواء النفس نال الأجر ومن صبر على مصائب الدنيا بشره الله بالجنة. فالصبر أهم خلق في نفس المسلم وهو عبادة واحتساب وأجر وإيمان. فالله أمر المسلم بالصبر «صبر على طاعة الوالدين، صبر بصحبة الصالحين وعدم صحبة الأشرار المتبعين لأهوائهم، صبرعلى عدم نشر مقاطع الإشاعة والغيبة في وسائل الاتصال، صبر على عدم مشاهدة قنوات الشر في وسائل الإعلام، صبر على قول الحق والصدق في كل الأحوال، صبر على أداء الصلوات في أوقاتها وخاصة صلاة الفجر، صبر على قيام الليل، صبر على أداء ركن الزكاة وإخراج المال المستحق بنفس طيبة راضية مرضية، وصبر على عدم السرقة وأكل الحرام والربا، صبر الزوج على زوجته والزوجة على زوجها وأولادها، وصبر الجار على جاره وصديقه وأهله وعلى المسلمين جميعا، وصبر على مغريات الدنيا وتلبيس إبليس، فالنصر والبطولة مع الصبر والجنة مع الصبر»، فالصبر حياة وأخلاق وإيمان وعبادة والإنسان في خسر إلا من صبر وتواصى بالصبر والصبر جميل وليس للصبر حدود ولنا في أنبياء الله وصبرهم أسوة حسنة فنبي الله أيوب -عليه السلام- صبر على المرض حتى شفاه الله ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- صبر على قومه فعذب وحوصر في شعب مكة وأكل أوراق الشجر وهاجر وجاهد وكسرت رباعيته وفقد زوجته خديجة -رضي الله عنها- فصبر وفقد ابنه ودمعت عيناه -صلى الله عليه وسلم- من حب ابنه لكنه صبر ولم يقل إلا ما يرضي الله وأتت حادثة الإفك لأحب نسائه فصبر، فهكذا هي حياة المسلم صبر وتصبر وتواصٍ بالصبر وتسامح، فتدبير الله وقضاؤه وقدره خيره وشره «إيمان» فإنا لله وإنا إليه راجعون….