كغيرها من المواقع الساحلية والسياحية بمنطقة تبوك.. تشهد محافظة الوجه هذه الأيام إقبالا متزايدا من قوافل الزوار الذين قدموا من داخل المنطقة وخارجها، للبحث عن الأجواء الدافئة نسبياً، مقارنة بباقي مدن ومحافظات المناطق الشمالية التي تدنت فيها درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، في حين يتوقع أن تبلغ نسبة الإشغال للفنادق والوحدات السكنية بالمحافظة خلال الأيام المقبلة 100%، نظراً لتوافق هذا الإقبال الملحوظ مع إجازة منتصف العام الدراسي. وتشتهر الوجه إلى جانب طبيعتها البحرية، بمتنزهاتها البرية التي تجمع ما بين الصحاري الرملية والجبال الصخرية والأودية، مثل وادي حرامل الغني بنبتة الأراك ووادي الزريب. وتعد محافظة الوجه بموقعها الجغرافي من أهم أماكن السياحة، لما تتمتع به من مقومات جاذبة ومواقع تاريخية تعد ثروة وطنية ومقصدا سياحيا مميزاً على مستوى المملكة خاصة في فصل الشتاء، حيث يحتضنها البحر بأمواجه وشواطئه وسط أجواء معتدلة لا تتجاوز درجة الحرارة المتدنية فيها ال 18 درجة، وتحيط بها الجزر الخمس التي اشتهرت بها وعرفها كل من زارها، وتعتبر شواطئ المحافظة من أكثر شواطئ البحر الأحمر صفاءً وجمالاً مما يجعلها عامل جذب سياحي، خاصة لهواة الغطس واكتشاف الأعماق والباحثين عن صيد الأسماك لا سيما جراد البحر «الإستاكوزا» الذي تتميز به عن غيرها. وتحتضن محافظة الوجه بين جنباتها أعرق تاريخ، حيث تحمل آثاراً تاريخية بناها الآباء والأجداد وحافظ عليها الأحفاد، ولا تتوقف السياحة على ما تتمتع به من آثار ومناخ وشواطئ وجزر، بل إن السائح يشيد إكباراً بسكان الوجه بما يتمتعون به من الكرم الحاتمي، وهذا ما تؤكده المصادر التاريخية بالترحيب بالضيوف ولا يمكن لأي زائر أن ينساه. ومن معالم محافظة الوجه التي يتنبه لها الزائر فور وصوله لمشارفها هضبة البلدة القديمة، التي تقف شاهدة على مرحلة بدايات قرنين ماضيين، حيث كان يعيش السكان حياتهم اليومية على تلك الهضبة، التي ازدهرت قديماً فيها الحياة أكثر من غيرها من البلاد، فانطلقت فيها الحياة الثقافية والتجارية والحركة الاقتصادية، بسبب سهولة مواصلاتها البحرية واتصال سكانها اتصالاً مباشراً بالعالم الخارجي. وتشتهر الوجه بمعلمها الشهير ومينائها الطبيعي، الذي يعد من أهم الموانئ الطبيعية على البحر الأحمر قبل وبعد الإسلام، حيث لعب دوراً كبيراً في عملية التنشيط التجاري بين موانئ البحر الأحمر، وقد عرف قديماً بميناء الحجر «مدائن صالح» واستخدم من قبل دولة الأنباط وازدادت أهميته بالعصور الإسلامية خاصة بالعصر الأيوبي والمملوكي والعثماني، ومع الحرب العالمية الأولى حتى أواخر التسعينيات من القرن الرابع عشر الهجري. وتتمتع بوجود العديد من المعالم الأثرية ومنها السوق القديم الذي يقع على الشفة الشمالية للميناء القديم، أسفل الهضبة التي تقع عليها مدينة الوجه الحديثة، حيث شهد السوق القديم حركة تجارية ضخمة قديماً، إذ كان يمر عليها الحجاج وهو ما يفسر ازدهار الوجه طوال قرون عديدة دون غيرها من المدن الأخرى، وللسوق القديم بوابة أنشئت لحمايته ولا تزال المناخة قائمة وشاهدة على مجد تليد شهدته محافظة الوجه لقرون عديدة. كما أن بها قلعتين تشرف إحداهما على الميناء في حي القرفاء، وهي مرتفعة تشرف في جزأيها على القديم والحديث من البلدة، وكذلك على السوق القديم، وقد بنيت في عام 1276ه والأخرى في شرق الوجه وتعرف بقلعة الزريب وبنيت في عام 1026ه، لحماية قوافل الحجيج وما حولها من المنازل المهدمة والبرك والآبار في ذلك الزمان. وتضم المحافظة مجموعة من المساجد والزوايا القديمة التي يصل عمر بعضها إلى أكثر من 200 سنة أهمها مسجد الأشراف، والبوق والبديوي والسنوسية وأبو نبوت، وبها أول مورد لحفظ مياه الأمطار وتأمين المدينة وسكانها من العطش، من خلال 20 صهريجاً تعمل حتى باتت محافظة الوجه من أولى محافظات المملكة في تحلية مياه البحر.