تقع محافظة الوجه في ساحل البحر الأحمر على ربوة مرتفعة (70م عن سطح البحر)، وتبعد عن منطقة تبوك قرابة 325 كم، ويقدر عدد سكانها بحوالي (50,000 نسمة)، حيث تعتبر من المدن الساحلية القديمة وتحتضن العديد من الآثار مثل قلعتي الزريب، والوجه. وتعددت الآراء حول تسميتها على أنها نقطة بداية أرض الحجاز للقادمين من إفريقيا والمغرب ومصر برا وبحراً ومن أسمائها (الوشن) و(الوشاشة) وبندر الوجه والوجه الحسن. وتميزت تاريخيا بتأسيس الحجر الصحي عام 1283ه، وإنشاء الفنار البحري في ميناء الوجه (مرشد للسفن) عام 1292ه، إلى جانب تميزها باحتواء أقدم محكمة أنشئت عام 1296ه. وأول مدرسة ابتدائية «الأميرية» أنشئت عام 1333ه، كما تميزت بإنشاء أقدم مراكز البرق (لاسلكي) في عام 1334ه، واحتضان ثاني بلدية أنشئت بالمملكة بعد بلدية مكةالمكرمة، وذلك في عام 1324ه، إضافة إلى أن استقبال مطار الوجه أوائل الطيارين السعوديين عام 1354ه، كإثبات لأقدميته بين مطارات المملكة العربية السعودية، وعرفت الوجه الكهرباء الأهلية عام 1383ه وشهدت إنشاء أول محطة لتحليه مياه البحر عام 1388ه / 1389ه. معالم تاريخية وأكد المؤرخون أن ميناء الوجه والذي عرف منذ القدم قبل الإسلام وبعده، خصوصاً في العصر العباسي وغيره من العصور الإسلامية باسم ميناء الحجر (مدائن صالح)، محطة عبور الحجيج. ومن أبرز المعالم السياحية التي تتميز بها المحافظة «ميناء الوجه»، وهو من أهم الموانئ الطبيعية على البحر الأحمر قبل الإسلام وبعده، حيث لعب دوراً كبيراً في عملية التنشيط التجاري، وقد استخدم من قبل دولة الأنباط، وازدادت أهميته في العصور الإسلامية خصوصاً في العصر الأيوبي، والمملوكي، والعثماني، ومع الحرب العالمية الأولي حتى أواخر التسعينات من القرن الرابع عشر (1399ه). كما أن معالم الوجه الشهيرة «المدينة القديمة» وهي تمثل التراث الحضاري للمحافظة والرقي المعماري الذي عرف به سكانها، وتشتهر بوجود الإمارة والمحكمة والمدرسة الأميرية والشرطة وغيرها من الدوائر الحكومية القديمة، وللمدينة ثلاث أبواب وتحتضن الكثير من البيوت القديمة تمت إزالة بعضها وبعضها الآخر منها آيلة للسقوط. السوق القديم (المناخة) ويقع على الشفة الشمالية للميناء أسفل الهضبة التي تقع عليها محافظة الوجه الحديثة، وقد شهد حركة تجارية ضخمة في أثناء الحكم المملوكي والعثماني، حيث كان يمر عليها الحجاج وهو مؤشر على ازدهار الوجه طوال قرون عديدة من دون غيرها من المدن الأخرى، وللسوق القديم بوابة أنشئت لحمايته ولا تزال المناخة قائمة وشاهدة على مجد غابر شهدته المحافظة. وتوجد في الوجه قلعتان إحداهما مرتفعة تطل في جزئيها على الميناء القديم والحديث في حي القرفاء، وكذلك على السوق القديم وقد بنيت في عام 1276ه، والأخرى شرق الوجه وتعرف بقلعة الزريب وتم بناؤها عام 1026ه، لحماية قوافل الحجيج وتحيطها عدد من المنازل المهدمة والبرك والآبار. وتضم المحافظة مجموعة من المساجد والزوايا القديمة التي تجاوز عمر بعضها أكثر من 200 سنة أهمها مسجد الأشراف، والبوق، والبديوي والسنوسية وأبو نبوت. فنار الوجه: وهو يقع على الجانب الجنوبي من الميناء وذلك لإرشاد السفن وقد تم بناؤه عام 1292ه ولم يتبق منه الآن سوى أجزاء قليلة مهدمة، كما يقع على الجانب الجنوبي من ميناء الوجه في منطقة الحشرة وهو خاص بحجز الحجاج والقادمين إلي ميناء الوجه من الأمراض المعدية وتم بناؤه في عام 1283ه. الصهاريج: وهي عبارة عن برج مسقوف بني لجمع مياه الأمطار التي تسقط على المحافظة في فصل الشتاء ومن ثم تخزينها واستخدامها بفصل الصيف حيث تمثل مصدر من مصادر المياه للسكان قديماً ويقدر عددها بأكثر من 20 صهريج ولم يبقي منها ألا صهريج واحد. الآبار السلطانية: وتم بناؤها في العهد المملوكي والعثماني وتوجد في منطقة القلعة والزريب، وكذلك الميناء الروماني ويسمي حالياً بالقصير ويقع على بعد 45 كم جنوب المحافظة، إضافة إلى المعالم الأثرية الأخرى منها أثار وادي زاعم وأثار وادي عنتر وواحة بداء وأم القريات والتي تقع شرق محافظة الوجه وأثار العبيد وأبار وادي سبيل. عوامل ازدهار المحافظة وهناك عدة عوامل طبيعية وأخرى تاريخية أسهمت بشكل كبير في ازدهار محافظة الوجه ومن أهم العوامل الطبيعية أن المحافظة تقع على ساحل البحر الأحمر، ولعبت عبر مينائه الطبيعي دورا كبيرا في تنشيط الحركة التجارية، حيث يتميز ميناؤها بتوفير الحماية الطبيعية للسفن أثناء عبورها، وخلوه من الشعب المرجانية، وكذلك عدم مواجهة التيارات الهوائية والأمواج البحرية، إلى جانب سهولة تنظيفه من دون وجود أي عوائق وبتكلفة اقتصادية مناسبة، ذلك أنه خليج داخل بين هضبتين. ومن العوامل التاريخية ما شاهدته الوجه قبل وبعد الإسلام بما يعرف بالحملة الرومانية على الجزيرة العربية ومدى سيطرة دولة الأنباط (قوم عاد) على مينائها، أما في العصر الإسلامي فقد عرفت في زمن الخليفة العباسي أبو العباس السفاح وارتبطت الوجه برحلات الحجيج وقوافلهم حيث تعد منزلة من منازل الحج برا وبحرا كما اعتبر الرحالة المسلمون أنها قلعة وميناء تجاري. وبرز دورها التاريخي بأحداث الحرب العالمية الأولي، فيما دخلت الوجه العهد السعودي عام 1344ه حيث شهدت الزيارة التاريخية لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز حفظه الله عام 1382ه في بداية توليه وزارة الدفاع والطيران. وأصبحت الوجه عبر موقعها الجغرافي عبارة عن محطة أو قلعة في طريق الحجيج برا وبحرا من مصر والمغرب والأندلس وكذلك برا بشمال الجزيرة العربية والأردن والشام. ولعب موقعها الجغرافي دوراً كبيراً لأن تكون منطقة للمواصلات البرية والبحرية وحلقة وصل بين مدن الحجاز، كما كان له دور فاعل في نجاح التجارة البحرية مع موانئ جدة وينبع والسويس، وبرز هذا الدور عندما كان تنافس الدول الأوربية على تجارة البحر الأحمر فانشأوا فنارا على مدخل الميناء عام 1292ه. وازدهرت المحافظة اقتصادياً بحكم أنها تعتبر بوابة الحجاز بالنسبة للقادمين من مصر والمغرب، وشهدت أسواق الوجه حركة خلال تلك الفترة، وتواجد تجار الأسماك والفحم والملح والمواشي بأنواعها، وعرف تجارها التعامل بالأوراق المالية خصوصاً الشيكات والمستندات. السياحة في الوجه وتتمتع المحافظة بأشكال ساحلية كثيرة ومميزة يمكن أن تجعل من الوجه منتجعاً سياحياً رائعاً، وذلك لتمتعها بالعديد من الجزر الواقعة على مقربة من الساحل، وبالشواطئ الرملية النقية، وتميزها بمناخ مقبول ومريح لوقوعها على هضبة. ويعتبر بحر الوجه من أكثر أجزاء البحر الأحمر حاليا صفاءً وجمالاً يؤهله لأن يكون عامل جذب سياحي كبير خصوصاً لهواة الغطس والباحثين عن صيد الأسماك وبخاصة الاستاكوزا الذي تشتهر به المحافظة. وتتميز الوجه بالإضافة إلى أماكنها الأثرية والتاريخية، بشواطئها البحرية مثل شاطئ الدميغة والذي هو عبارة عن خليج مائي يمتد لمسافة 3 كم، وكذلك خليج حواز وهو من أجمل الشواطئ منظراً وطبيعة، وشاطئ خليج عنتر الذي توجد به أشجار الشورى، إلى جانب شاطئ الهرابة الذي يتميز برماله. وتشتهر الوجه بالجزر البحرية ومنها جزيرة ريخة والمردونة والظهرة، وكذلك بالملاحة ويستخرج منها الملح وهو احد ألوان النشاط الاقتصادي لأهالي الوجه قديماً وتقع جنوب المحافظة بالقرب من المطار، إلى جانب المتنزهات البرية والطبيعة البرية المتنوعة التي تتمتع بها المحافظة شرقاً تجمع بين الصحاري الرملية والجبال الصخرية والأودية مثل وادي حرامل الغني بنبتته الأراك. يذكر أن محافظة الوجه تملك كل مقومات الاستثمار في مجال الثروة السمكية بحكم تميز مصايدها البحرية وتوفر الأسماك، إضافة إلى الاستثمار الصناعي من خلال صناعة الملح.