غداة تفجيرَين انتحاريَّين في ليبيا؛ عبَّر الاتحاد الأوروبي عن دعمه اتفاق تشكيل حكومة وحدةٍ وطنية في هذه البلاد، في وقت تبنَّى فرع تنظيم «داعش» الإرهابي الهجومين في مدينتي رأس لانوف وزليتن. وشدَّدت وزيرة الخارجية الأوروبية، فيديريكا موغيريني، على أهمية تنفيذ الاتفاق السياسي الذي توسَّطت فيه الأممالمتحدة ووُقِّعَ في مدينة الصخيرات المغربية في ال 17 من ديسمبر الفائت. وقد توعدت أن تتيح حكومة وحدة وطنية فرصاً لمشاركة أوروبية في دعم ليبيا موحَّدة ضد الإرهاب. وأبدت الوزيرة خلال تصريح صحفي أمس من تونس، ارتياحها ل «شجاعة الليبيين» و»حرصهم على الوحدة» من أجل «إعادة وضع بلادهم على السكة واستعادة الأمن والسلام». وكانت موغيريني التقت أمس في العاصمة التونسية رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المقترحة، فايز السراج. رأس لانوف إلى ذلك؛ تبنَّى فرع تنظيم «داعش» الإرهابي التفجير الانتحاري الذي أوقع أمس الأول 6 قتلى في مدينة رأس لانوف النفطية شرق. وجاء التبني في بيانٍ لما تسمَّى «ولاية برقة» أوردته حسابات متطرفة على مواقع التواصل الاجتماعي، متحدثةً عن انتحاري يُدعى «أبو العباس» اقتحم حاجزاً خلفياً لمعسكر مُفجِّراً سيارة مفخخة في تجمُّعٍ لجنود. ووفق مصادر أمنية وطبية؛ قُتِلَ 6 أشخاص بينهم 3 من حرس المنشآت النفطية وطفلٌ في تفجيرٍ انتحاري بسيارة مفخخة عند حاجزٍ لحرس المنشآت النفطية في رأس لانوف. وتقع المنطقة حالياً تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، التي تتخذ من طبرق في الشرق مقراً. وتقع مرافئ رأس لانوف والسدرة والبريقة في منطقة «الهلال النفطي» على الساحل، وهي الأهم في البلاد كونها بوابة تصدير النفط، لكنها تتعرض لهجومٍ من «داعش» الذي يخوض منذ أيام مواجهاتٍ مع حرس المنشآت النفطية ولم ينجح في التقدم. زليتن غرباً؛ قُتِلَ الخميس حوالي 55 شخصاً في هجوم انتحاري بشاحنة مفخخة استهدف مركزاً لتدريب الشرطة في زليتن؛ في أكثر الهجمات دموية منذ سقوط نظام معمر القذافي في أواخر صيف 2011. وحتى نهار أمس؛ لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن العملية، حتى تبناها فرع «داعش» في بيانٍ صدر مساءً ورصدته وكالات الأنباء. وتقع المدينة تحت سيطرة سلطات طرابلس غير المعترف بها دولياً. وتشهد البلاد منذ عام ونصف العام نزاعاً مسلحاً على الحكم بين سلطتين؛ حكومة وبرلمان في الشرق يعترف بهما المجتمع الدولي، وحكومة وبرلمان موازيين يديران العاصمة بمساندة تحالف جماعات مسلحة تحت مسمَّى «فجر ليبيا». واستغل فرع «داعش» انتشار الفوضى منذ سقوط القذافي، ليُنفِّذ اعتداءات دامية تبنَّى عدداً منها في الأشهر الماضية. ووسط الفوضى الأمنية؛ طلبت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي عقد اجتماعٍ مع ساسة ليبيين في تونس، ونبَّهت إلى أهمية دعم اتفاق الوحدة الوطنية. واعتبرت موغيريني أن «شعب ليبيا يستحق السلام والأمن، ولديه فرصة عظيمة لكي يضع انقساماته جانباً ويعمل معاً ويتّحد ضد التهديد الارهابي الذي يواجهه. وتوقعت إسهام حكومة وحدة وطنية في «الحفاظ على الموارد» و»هزم الإرهابيين الذين يريدون تقويض الازدهار» و»استعادة الاستقرار والأمن إلى مختلف الأنحاء». ونص اتفاق الصخيرات على تشكيل مجلس وزراء موحد يضم الحكومتين المتنازعتين، لكن رئيسي البرلمانين يرفضان هذه الحكومة. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، البرلمانين إلى دعم الاتفاق. ولاحظ أن «هذه الأعمال الإجرامية تُذكِّر بقوة بضرورة تطبيق الاتفاق السياسي وتشكيل حكومة وحدة وطنية»، في إشارةٍ إلى التفجيرين اللذين وقعا أمس الأول. وجدَّد الأمين العام التأكيد على اعتبار الوحدة أفضل طريقة لمواجهة الإرهاب بكل أشكاله. ويبلغ عدد عناصر فرع «داعش» في البلاد ثلاثة آلاف مسلح يسيطرون منذ يونيو الماضي على جزء كبير من مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) ويستهدفون توسيع نفوذهم إلى مناطق أخرى. ويقاتل التنظيم القوات التابعة للحكومة المعترف بها دولياً والتابعة للحكومة الموازية. وتزايدت الدعوات لتدخل عسكري أجنبي لإحلال الاستقرار واحتواء التطرف. وفي تقرير رفعته إلى مجلس الأمن الدولي في نوفمبر الماضي؛ حمَّلت مدعية المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودة، التنظيم المسؤولية عن 27 تفجيراً انتحارياً أو بالسيارات المفخخة في ليبيا على الأقل في عام 2015.