لا أستغرب تفكير من اعتادوا أن يفسروا ما لا يحتاج لتفسير كما يشتهون وبما يناسب أهواءهم، فهاهم اليوم يمارسون هوايتهم مستنكرين تنفيذ حكم القصاص على إحدى كتائب الشر، المكلفة بتنفيذ أفكار نظمهم، لزعزعة الأمن وترويع الآمنين، والقتل والدمار فهم في نظر منظماتهم مسموحٌ لهم بأن يعيثوا في الأرض فساداً، بل من حقهم أن يمارسوا ما طاب لهم من جرائم، بينما يحرمون على المتضرر أن يتصدى لعدوانهم المستمر، وطغيانهم الذي استشرى وتجاوز كل الحدود، هكذا اكتسب دعاة الغلو والتطرف بنهجهم المنحرف وفكرهم الضال عداء العالم الذي أجمع على محاربتهم والتصدي لهم بكافة الوسائل باعتبارهم نبتا شيطانيا، لا بد من اجتثاثه واستئصاله، فالمملكة العربية السعودية رغم تضررها ومعاناتها من جرائم الإرهاب، إلا أنها ظلت حريصةً على التحركات المدروسة الحكيمة، من خلال عزمها وتصميمها الأكيد على مناهضة الإرهاب بشتى الصور تطبيقاً لشرع الله، فالإرهاب يعني العداء السافر والجريمة التي يجب أن تُواجَه بالصرامة والعقاب الرادع، بغض النظر عن سنية الجاني أو شيعته أو جنسيته أو لونه، فهي في النهاية أحكامٌ قضائية، وحقاً قانونياً لكل جهةٍ ذات سيادة، كما أنه واجبٌ مستحق لها لتحافظ على أمنها واستقرارها، وسلامة مواطنيها من عبث العابثين، وكل ما من شأنه أن ينشر الذعر والخوف والفوضى في أي شبرٍ من ترابها حتى لا يدنسه المفسدون، وبهذا الفهم فقد حققت سلطات الأمن السعودية إنجازاً رائعاً وتم بعون الله وتوفيقه تنفيذ حكم القصاص على 47 إرهابياً، فارتسمت دلائل السعادة على وجوه ذوي الضحايا، كما غمرت الأوساط العاشقة لتمكين أسس السلم والأمن العالميين أيضاً فرحةٌ عارمة فالحكم جاء تعزيزاً لأسباب الطمأنينة والاستقرار رغم أنوف وأصوات المعارضين والمستنكرين لهذا الانتصار الباهر الذين حشروا أنوفهم فيما لا يعنيهم، محاولين بذلك خداع من يسهل قِيَادُهم ويمكن التأثير عليهم لإشعال نار الفتنة والشقاق، وذلك بتصوير قرار القصاص بطريقةٍ بعيدةٍ عن الحقيقة والواقع ليراه ضعاف النفوس أنه ليس إلا قرارٌ لتخليص الحسابات والخلافات السياسية والمذهبية، متناسين بأن من صدر بحقهم الحكم مجرمون، وبما أننا لا نتدخل في قرارات الآخرين وطريقة إدارتهم لشؤون بلادهم، فإننا نرفض بقوة تدخلهم في أمورنا الداخلية، فعلى كل منددٍ ورافضٍ لهذا القرار أن يعي ويدرك أن المملكة ستظل تناهض بالحزم والعزم الغلو والتطرف والإرهاب، وستضرب أوكاره بيدٍ من حديد وسيكون هذا دأبُها في الحاضر والمستقبل، ولا يفوتني أن أهنئ رجال الأمن الأشاوس على إنجازاتهم البطولية المشرفة، وأقول لهم: أنتم حماة الوطن ودرعه الواقي الذي لا يتوانى في تطبيق شرع الله عملاً بقوله جل وعلا: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) صدق الله العظيم.