تعرضت قاعدة جوية هندية قريبة من باكستان لهجومٍ مسلحٍ في وقتٍ مبكرٍ أمس، في عملية اعتُبِرَت الأخطر من نوعها في السنوات الأخيرة، بينما تعهدت نيودلهي بالردِّ بالطريقة المناسبة، متحدثةً عن مقتل اثنين من المهاجمين. وأكد مسؤولون في الأمن الهندي تسلُّل أربعة مسلحين على الأقل، يرتدون بزَّات عسكرية ويُعتقَدُ في انتمائهم لجماعة «جيش محمد»، إلى قاعدة بتنخوت الجوية في ولاية البنجاب (شمال). وترتدي القاعدة أهميةً استراتيجية كونها تضمُّ عشرات المقاتلات، وتبعد ب 50 كيلومتراً فقط عن الحدود الباكستانية. وسُمِعَ تبادلٌ لإطلاق النار في المكان، في وقتٍ نفَّذت الشرطة عمليات بحثٍ دقيقة للعثور على مهاجمين، كما ذكرت شبكات التلفزيون. وعلَّق وزير الداخلية الهندي، راجنات سينغ، بقوله «نريد السلام، لكن إذا شنَّ الإرهابيون هجماتٍ على الأرض فسنردُّ بالطريقة المناسبة». يأتي ذلك بعد أسبوعٍ على زيارةٍ مفاجئة نفذها ناريندرا مودي إلى باكستان، وكانت الأولى لرئيس حكومةٍ هندي منذ11عاماً. وقد يؤدي التوتر على الحدود إلى توقُّف عملية السلام بين البلدين النوويين المتنافسين. وأبلغ المسؤول في الشرطة العامة في البنجاب، إتش إس ديلون، بمقتل اثنين من مهاجمي قاعدة بتنخوت في تبادلٍ لإطلاق النار، مُستدركاً «لكن لا يمكننا أن نؤكِّد مقتل آخرين»، بينما أوردت وسائل إعلامٍ معلوماتٍ عن مقتل 5 وحارسين. وأشار المسؤول في شرطة الولاية إلى «خمسة أو ستة من العاملين في القاعدة الجوية جُرِحوا ونُقِلوا إلى المستشفى». ونُشِرَت القوات الخاصة للحرس الأمني الوطني في مواجهة المهاجمين. وأفاد مسؤول أمني كبير آخر، كان في الموقع وطلب عدم كشف هويته، نجاح القوات في منع المهاجمين من إلحاق أضرارٍ كبيرةٍ بالقاعدة التي تضمُّ عدداً من المقاتلات. وذكر أن المهاجمين «مدججون بالسلاح» وأن «الهجوم يهدف إلى إحداث أكبر قدرٍ من الخسائر في عتاد القاعدة». «لكننا تمكنَّنا حتى الآن من الحؤول دون وقوع خسائر كبيرة»، بحسب تأكيده. وعن المهاجمين؛ قال المسؤول «نعتقد أنهم إرهابيون ينتمون إلى جماعة جيش محمد». وتقاتل هذه الجماعة المحظورة في باكستان ضد حكم الهند منطقة كشمير المقسومة والواقعة في الهيمالايا. وتشهد كشمير تمرداً انفصالياً أودى بحياة 100 ألف شخص. وكانت نيودلهي حمَّلت جماعة «جيش محمد» مسؤولية هجومٍ أسفر في ديسمبر2001 عن سقوط11 قتيلاً ونتج عنه تعزيز المواقع العسكرية على الحدود، ما كاد يُسبِّب نزاعاً مسلحاً مع إسلام آباد. وعقد كبار المسؤولين الأمنيين في نيودلهي بمن فيهم مستشار الأمن القومي، أجيت دوفال، اجتماعاً لمناقشة تداعيات الهجوم الأخير، كما ذكرت وسائل الإعلام. وكانت حالة التأهب أٌعلِنَت أمس في البنجاب بعدما سرق 5 مسلحون بلباسٍ عسكري سيارة مسؤولٍ كبيرٍ في الشرطة. وعُثِرَ لاحقا عليها متروكةً على طريق بتنخوت – جامو التي تربط منطقة كشمير المضطربة المجاورة بسهول الهند. ولم يُعرَف ما إذا كان هذا الحادث مرتبطاً بهجوم السبت. وفي يوليو الماضي؛ أطلق ثلاثة رجال يرتدون بزَّات الجيش النارَ على حافلةٍ ثم هاجموا مركزاً للشرطة في إقليم غورداسبور المجاور في البنجاب، ما أسفر عن سقوط 7 قتلى بينهم 4 شرطيين. ونسبت نيودلهي هذا الهجوم إلى متمردي «عسكر طيبة» المتمركزين في باكستان. ومنذ عام 1947؛ يتنازع البلدان السيطرة على إقليم كشمير، وخاضا حربين لهذا السبب. وتتهم الهند على الدوام الجيش الباكستاني بتأمين تغطية نارية للمتمردين، الذين يتسللون عبر الحدود ثم يخططون لهجمات في الشطر الهندي من كشمير، حيث يستهدفون غالباً الشرطة المحلية. لكن البنجاب التي تقيم فيها غالبية من السيخ ظلت إلى الآن في شبه منأى من أعمال العنف. وعلقت نيودلهي أي محادثات مع إسلام آباد بعد الهجوم الذي شنه مسلحون متشددون على مدينة بومباي في نوفمبر 2008 مخلِّفين 166 قتيلاً. وأظهر التحقيق لاحقاً التخطيط للعملية في باكستان. لكن التوتر في العلاقات بين البلدين تراجع الأسبوع الفائت حينما التقى ناريندرا مودي نظيره نواز شريف. وقرر البلدان البدء في حوار لمعالجة المشكلات العالقة. ومن المقرر أن تستضيف إسلام آباد في يناير الجاري لقاءات ثنائية عالية المستوى.