تواصل المستشارة الألمانية تمسُّكها بموقفها الحازم حيال تدفُّقات الهجرة، رغم الانتقادات الموجَّهة إلى سياستها المنفتحة، بينما يستعد حزبها ل 3 انتخابات إقليمية في مارس المقبل. واعتبرت أنجيلا ميركل استقبال اللاجئين «فرصة للغد.» وقالت في كلمةٍ لها أمس بمناسبة العام الجديد: «إنني على ثقة، ولو كان هناك تخوف، بأن المهمة الكبيرة الحالية التي تقضي باستقبال واستيعاب هذا الكمِّ من الناس تُشكِّل فرصةً للغد. « في الوقت نفسه؛ أقرَّت بأن ذلك سيُكلِّف مالًا وسيتطلب جهودًا للاندماج. وعبَّرت عن قلقها من تنامي الخطابات وأعمال العنف المعادية للمهاجرين، مُناشِدةً مواطنيها «البقاء موحَّدين في 2016 أمام أولئك الذين تمتلئ نفوسهم بالكراهية، وينسِبون إليهم وحدهم الهوية الألمانية ويريدون إقصاء الآخرين.» وفي الجوهر؛ اعتبرت المستشارة بلادَها قويةً بما يكفي بعد 25 عاماً من الوحدة لمواجهة تحدي طلبات اللجوء، لأنه من البديهي مساعدة واستقبال أولئك الذين يبحثون عن ملجأ عندنا. وبدا لافتاً نقل كلمتها مع ترجمةٍ باللغة العربية التي ينطق بها القسم الأكبر من اللاجئين. وإعلان هذا الموقف في ختام أصعب سنة سياسية بالنسبة لميركل التي تحكُم منذ عشر سنوات؛ يعد رفضاً لمن يطالبونها بتغيير سياستها، أكان في الداخل بما في ذلك عائلتها السياسية المحافظة أو في أوروبا. ويعتبر منتقدوها، في المجر وبولندا وغيرهما، أن سياسة اليد الممدودة التي انتهجتها منذ بداية سبتمبر الماضي، حثَّت المهاجرين على المجيء إلى أوروبا عبر طريق البلقان. وكانت ميركل قررت حينها، وبشكلٍ أحادي الجانب، فتح حدود بلادها أمام اللاجئين الهاربين من الحرب في سوريا، وظهرت إلى جانبهم في صور «سِلفي.» وأمام تراجع شعبيتها في استطلاعات الرأي؛ غيَّرت سياستها وشدَّدت في الأشهر الأخيرة شروط حق اللجوء. وذكرت صحيفة «بيلد» الألمانية أمس، أن «السلطات ستعيد أيضاً، اعتباراً من يناير العمل بدراسة طلبات اللجوء للقادمين من بلدان نزاعات وضمنهم سوريون بصورةٍ فردية .. والهدف هو التأكد بشكل أفضل من هويتهم ومنشأهم.» لكن المستشارة ما زالت ترفض إغلاق الحدود، أو تحديد سقف لدخول اللاجئين، كما يطالبها قسم من الرأي العام المؤيد لها بإلحاح. وتعوِّل برلين على حلٍ يعتمد تقسيم طالبي اللجوء إلى «حصص سنوية» تُوزَّع على الدول الأوروبية. لكن الخطة تثير انقساماً عميقاً في اتحاد دول القارة. وكتبت صحيفة «دي فيلت» الألمانية، أن «خطة ميركل لحل الأزمة ليست سوى أُمنية غير قابلة للتحقيق.» ورأت الصحيفة أن «2015 كان على الأرجح عام أنجيلا ميركل، لكن 2016 يُتوقَّع أن يكون السنة الحاسمة بالنسبة لها.» واعتبر مصدر دبلوماسي معني بالملف أن «تراجع عدد اللاجئين بشكل ملموس سيكون أمراً جيداً، لكن إن استمر بالوتيرة الحالية فسيصبح الوضع صعباً جداً سياسياً بالنسبة للمستشارة.» وستجري في مارس المقبل 3 انتخاباتٍ إقليميةٍ في ألمانيا ستكون بمنزلة اختبار لحزب الحكومة (الاتحاد الديمقراطي المسيحي)، فيما تتوقع استطلاعات الرأي تنامياً قوياً لحركة «بديل لألمانيا» الشعبوية المعادية للاجئين. ويشارك الحزب الديمقراطي الحر في ائتلاف حاكم مع الاتحاد الديمقراطي المسيحي.