على خلفية أزمة اللاجئين؛ يُتوقَّع أن تواجه المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، اضطراباتٍ خلال المؤتمر العام لحزبها المحافظ «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» رغم الخطوات المتخذة مُؤخَّراً للحدِّ من تدفقات الهجرة. وبعدما توَّجَتهَا مجلة «تايم» الأمريكية شخصيةً لعام 2015؛ ستدافع ميركل (61 عاماً) الإثنين أمام ألف مندوب من حزبها عن سياستها المثيرة للجدل المتعلقة بفتح أبواب اللجوء، الأمر الذي أثار تذمراً في بعض أوساط الحزب وأدَّى إلى تراجع شعبية زعيمته في استطلاعات الرأي منذ أواخر الصيف. وحتى الآن؛ فإن شريكها الحكومي «الحزب الاشتراكي» الذي بدأ مؤتمره في برلين أمس الأول غير قادرٍ على الاستفادة من أصوات «الاتحاد الديمقراطي المسيحي»، في حين يزداد التأييد لليمين الشعبوي. ومنذ عدة أسابيع؛ بدأت المستشارة، التي احتفلت بالذكرى السنوية العاشرة لتسلمها منصبها، تسير في الاتجاه المعاكس، إذ تشددت حكومتها في بعض مناحي ظروف استقبال المهاجرين، بما في ذلك السوريون، كما فرضت على الأوروبيين التقارب مع أنقرة للحد من تدفقات الهجرة، ودعت إلى حصص جديدة لتوزيع طالبي اللجوء على أعضاء اتحاد القارة رغم جبهة الرفض في أوروبا الوسطى. ورغم هذا التراجع؛ تبدو المستشارة التي لا تستسيغ الخطابات المطوَّلة على المنصة مُطالَبةً بالتغلب على ذاتها إذا كانت تريد إعادة النظام إلى حزبها، بحسب بعض المعلقين. ويتوقع هؤلاء أن يكون مؤتمر الإثنين الأهم بالنسبة لميركل خلال 15 عاماً من رئاستها الحزب المحافظ، في حين تبرز أمامها إمكانية الترشح لولايةٍ جديدةٍ كمستشارة في أقل من عامين. واعتبرت صحيفة «سودويتشه تسايتونغ» الألمانية الليبرالية أن كلمة ميركل في كارلسروه (جنوب غرب) ستكون بين الأهم في حياتها السياسية. ورأت مجلة «در شبيغل» أن «الأمر يتعلق لا أكثر ولا أقل بسلطة رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي التي باتت على المحك وقدرته على جمع الحزب وراءه». وتواجه ميركل انتقادات حادة وجهها وزير المالية الذي يتمتع بنفوذ، فولفغانغ شويبله. وقارن الوزير سياستها بمتزلِّج تسبب في انهيار ثلجي، في وقتٍ طالبها رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك بتغيير مسارها. أما الأكثر ضراوة حيال سياستها فهو حليفها البافاري «الاتحاد المسيحي الاجتماعي» الذي يطالب بأعلى صوته بتحديدٍ عدديّ للمهاجرين، لكن الحكومة ترفض ذلك قطعاً. ولن تواجه ميركل، التي أعيد انتخابها العام الماضي لقيادة حزبها بغالبية كاسحة، مشكلة اقتراعٍ على الثقة، لكن سياسة الهجرة تحدد درجة الحرارة الداخلية في الحزب. وطُلِبَ من شباب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» سحب اقتراحهم تحديد سقفٍ عددي للاجئين، وستخضع الصياغة الدقيقة للنقاش حتى اللحظة الأخيرة. مع ذلك؛ أكد مسؤول كبير في الاتحاد أنه «رغم الخلافات؛ فإن المندوبين يرغبون في أن نظهر متحدين». وتابع بثقة «ليس فقط الحزب إنما أيضاً الجمهور سيتابع هذا المؤتمر». ويخشى المعسكر المحافظ في البلاد أن تكون فاتورة السياسة ثقيلة في النهاية لأن انتخابات رئيسة تلوح في الأفق العام المقبل مع خمسة انتخابات إقليمية. ورغم عدم كشف ميركل بعد عن نيتها بالنسبة للانتخابات التشريعية لعام 2017؛ إلا أن كل شيء يشير إلى محاولة التجديد لولاية رابعة. ويواجه حزبها تحدياً للاحتفاظ بالأكثر تشدداً بين المحافظين ضمن صفوفه، في وقتٍ يخضع فيه لمنافسةٍ متزايدةٍ على يمينه من حزب «البديل لألمانيا» المعادي للأجانب. ويكتسب «البديل لألمانيا» شعبيةً منذ تدفق المهاجرين خلال الصيف، ولديه حالياً 10% من نيات التصويت. لكن هناك فرصة صغيرة للمستشارة بعدما انخفضت أعداد المهاجرين في الأونة الأخيرة بسبب فصل الشتاء، علماً أن ألمانيا سجَّلت أكثر من 964 ألفاً من طالبي اللجوء منذ مطلع عام 2015.