يُعد انهيار السوق السعودي في عام 1426ه (2006م) من أكثر الكوارث المماثلة حدة في التاريخ. تعود جذور الكارثة إلى عام 2000م عندما انهار النازداك في أمريكا مُدخلاً الاقتصاد الأمريكي في ركود حاد، ترتب عليه تخفيض الفائدة إلى مستويات قياسية ولعدة سنوات تالية. ولما كان سعر الفائدة على الريال مرتبطاً بالدولار ارتباط الأواني المستطرقة، فقد انخفضت الفائدة على الريال بالدرجة نفسها، وبصورة لا يبررها الازدهار الاقتصادي الناتج عن تحسن أسعار البترول في ذلك الوقت. تزامنت هذه الظروف مع تخصيص قطاع الاتصالات وصدور نظام للسوق المالية، وإرخاء العنان لجشع البنوك؛ مما ألهب حماس المستثمرين، ثم المضاربين والمتلاعبين، للدخول في مغامرات ومقامرات محمومة رفعت أسعار الأسهم إلى مستويات غير مبررة في كل المقاييس، ثم هوى السوق على رؤوس الجميع، مُحرقاً مدخرات المواطنين لعشرة أعوام سابقة وعشرة أعوام لاحقة. هذه هي الجذور، أما الغيوم فهي كالتالي: انهار الاقتصاد الأمريكي عام 2008م ودخل في مرحلة كساد حاد ترتب عليها تخفيض معدل الفائدة إلى ما يُقارب الصفر ولفترة هي الأطول في التاريخ، وانخفضت الفائدة على الريال تبعاً لذلك، بالرغم من أن الاقتصاد السعودي لم يصطلِ بنيران أزمة الرهون العقارية والتمويل، لعدم وجود رهون عقارية أو تمويل مُعقد، بل إن الاقتصاد الكلي (الحكومي) يمر حالياً بأفضل مراحله منذ تأسيس المملكة؛ نتيجة للارتفاع الكبير في أسعار النفط وتراكم الاحتياطي العام. في ظل هذه الظروف بدأت سوق الأسهم بالنهوض من سباتها، وعادت أموال المضاربين والمتلاعبين، وعادت معها أبواقهم في منتديات الأسهم، طمعاً في الاستحواذ على ما بقي من مدخرات وأرصدة مُعززة بقروض مضمونة بالرواتب، فالله المستعان.