لقد استرعى انتباهي، كما استرعى انتباه غيري، ما يُتَدَاول هذه الأيام في أحد المقاطع عن أناسٍ يغسلون أيديَهم بدهن العود، وقد قرأت شيئاً من التعليقات عن بعض التجاوزات، التي مارسها ولايزال يمارسها سفهاءُ الأمة، وما أكثرهم في هذا الزمن. ومن نافلة القول أن نتذكَّر، ونحن وَجِلون من غضب المنعم سبحانه، بعضَ الممارسات، التي يعتصرُ لها قلب المؤمن إذا أدرك أنه ما نزلت عقوبةٌ إلا بذنبٍ، ولا حُبِست نعمةٌ إلا لجحودِها، وبعد التَّنكُّر لها. وليس ببعيدٍ منا ما كان يُمَارس من تبذيرٍ في ولائم مهرجان «أم رقيبة المصطنعة»، فضلاً عن أسعار الإبل، التي كان يستعرض بها أصحابها في ذلك المهرجان، الذي أعتبِره بحقٍ وصمةً سيئةً في خُلُقِ المجتمع السعودي لخروجه عن الهدف الرئيس، حتى تجاوزت أسعار بعضٍ من تلكُمُ الأَنْعَام عشرات الملايين، كما أننا نقرأ عن بعض المزايدات في دفع سعر لوحة سيارةٍ بعشرات الآلاف، أو ما شاهدناه عن قيام بعض الجهلة بسكب السمن البري على كفوف ضيوفهم، الذين تحلَّقوا أمام موائدَ أُعِدت لإكرامهم مسبقاً. وهنا أتساءل: هل دوْرُنا، بصفتنا مجتمعٍاً يمقتُ هذه الممارسات، أن نكتفي فقط بتناقل تلك الأخبار، ونتداول المقاطع التي توثِّق ما أُشيرَ إليه، مع إظهارالامتعاض الآني، الذي سرعان ما ينتهي بانتهاء الحديث في هذا الأمر، ثم ما نلبث أن نُفاجأ بتداول فعلٍ جديدٍ مشابه؟ ألا يجب علينا أن نستشعرَ دورنا، ونحن الأمة التي وصفها اللهُ بالخيرية، لأنها تأتمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتؤمن بالله، ألا يجب علينا أن نفعل شيئاً؟ وندرك أننا بسكوتنا أمامَ خطرٍ حقيقيٍّ، يوشك أن يحلَّ بِنَا لأجله غضب المولى سبحانه؟ هل تسقط مسؤولية الجماعة بممارسة فردٍ أو فئةٍ معينةٍ عملاً خاطئاً بحجة أن لكل شخص الحرية فيما يعمل؟ لذا فإني أهيب بكل ذي لبٍّ، وبكل صاحب منبرٍ توعوي، أو ديني، أو إعلامي، وبكل مسؤولٍ ذي صلاحيةٍ مثل: رجال الحسبة، أو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخطباء المساجد، أن يبادروا كلُّ من موقعه إلى فضح هذه الممارسات، وتبصير الناس بعواقبها الوخيمة، بل أرى أن تتم ملاحقة كل مَنْ ثبت، أو يثبت مستقبلاً ظهورهم في مقاطع تنطوي على إظهار كفرٍ، وجحودٍ بالنعمة، لما في ذلك من تعاونٍ على البر، وتقوى الله، وصون ما خصَّ الله به هذه البلاد المباركة حمايةً لفكر الأجيال القادمة. قال تعالى: «وإذا أردنا أن نهلك قريةً أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقَّ عليها القولُ فدمَّرناها تدميراً. الآية 16 الإسراء.