ينقل عن الفيلسوف محمد إقبال في شعره قوله (لحظة إن تغفل يا صاحبي ألف ميل زاد بعد المنزل). يمكن فهم هذا بالأغلاط المصيرية في اتخاذ قرار السوء. ومفارق الطرق السريعة حين لا يخرج السائق في المكان المناسب. أو تغيير المحطة في تغيير مواضع نقل سكة القطار من اتجاه إلى اتجاه. كذلك القرارات الحاسمة في الحياة؛ فالحياة وقت ومواقف؛ قد تمر عشر سنوات بدون شيء، وقد تمر ساعة فيها كل شيء. مات الزمن في سورية نصف قرن، والآن الزمن يمضي مع خطف حياة آلاف الناس في كل يوم وتولد سورية ولادة جديدة. كذلك يموت أحدنا خلال لحظات في الزمن، من وراء مرض صاعق وحادث مدمر، فتعالى الله الذي لا يلحقه نقص ونقض ومرض وعجز وضعف وذبول وفناء. الحي الذي لا يموت فتوكل عليه. ربما مرت مثل هذه اللحظات على كل منا، وربما يندم الإنسان على هذه اللحظات، كيف أخطأ فيها وغفل؟ والجواب أن الكون ساعة كبيرة، والأحداث فيها تمشي وفق قدر. وفي القرآن «وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة». أنا شخصياً أتذكر أحداثاً ومواقف ومرضى وعمليات جراحية وأياماً حاسمات فأقول ليتني أرد فأعمل غير الذي عملت. ولكن المشكلة تتجدد مرة أخرى حتى لو عدنا، لأننا سوف نصطدم بمعطيات جديدة، وقد يغير الإنسان مجرى حياته من جديد. مازلت أتذكر مريضين مرّا عليّ وتوفيا؛ أما الأول فنزف وأنا وقعت تحت وهم، وربما كان صحيحاً لو أعدت فتح بطنه وإيقاف النزف. الرجل كان يعاقر الخمرة وكبده متشمع نزف حتى مات. والثاني أيضاً خسرته وترددت فيه، ولم أكن أملك الخبرة الكافية ولا الجو المساعد، بل جو مشحون بالتآمر وهو شيء قد يتعجب له القارئ! نعم، بعض الأجواء الطبية تقترب من حافة الجريمة بدون دليل جنائي عليها. العبرة من الأيام أن غلطة بسيطة تقود إلى دمار وهلاك وضياع سمعة وموت اجتماعي. وكما يقول المثل لولا المزعجات من الليالي لما عرف القطا طيب المنام. قبل يومين واجهتنا حالة مرعبة من نزف مرعب! كررت على نفسي إياك والنوم والغفلة، وصمدنا في جو العاصفة الدموية، وربحنا حياة المريضة، فأنا بها فرح سعيد، فلعلها أن تشفع لنا يوم يقوم الناس لرب العالمين.