مع دخول موسم الشتاء والأمطار بشكل رسمي خلال الأسابيع الماضية، وانخفاض مستوى درجة الحرارة إلى الصفر في بعض مناطق ومحافظات المملكة.. ها نحن نسكن منازلنا أمنين مطمئنين بين أربعة جدران وسقف دافئ.. لا نشكو قوت يومنا ولا مصدر رزقنا، بل ننام على وسائد من حرير.. وتوقظنا قهوة الصباح الدافئة، ثم نمتطي الشوارع لنجوب الحياة بوجه عابس في أغلب الأحيان.. متجاهلين ذلك العدد الهائل من عمال النظافة الذين يجوبون الشوارع المترامية الأطراف تحت وابل المطر، أو درجات حرارة متدنية جداً.. ها هم يلتقطون مخلفاتنا وقاذوراتنا الفائضة عن الحاجة التي تركناها ليلة البارحة برحابة صدر. ما الذي يجبرهم على الركض وراء مخلفاتنا في مثل هذا الوقت من الصباح الباكر، لولا الحاجة للقمة عيش يسدون بها جوعهم مما تركناه في سلال القمامة من مخلفات غذائية، حيث يحرص عمال النظافة دائما على تحويل ما يحصلون عليه نهاية كل شهر من بضعة ريالات ليسدوا بها جوع من اغتربوا عنهم، وهو مبلغ يعادل ما أنفقناه نحن خلال يوم أو يومين من الأسبوع إذا لم يكن أقل من ذلك(عشرة ريالات) كافية إن كنت غير مقتدر، تكفي لأن تشتري قفاز يدين، وشرّابا، وقبعة، غلفها ثم قدمها لذلك العامل مع ابتسامة وكوب حليب دافئ لمن يقابلك صباحا بوجه تملؤه الابتسامة والرضا على ما كتب الله له.