حين خطا محققو الشرطة بصعوبة وسط أجزاء السيارات المتهالكة والإطارات المهملة والمعدات الصدئة المتكوِّمة في فناء منزل برنت نيكلسون؛ لم يدُر بخلدهم أنهم سيجدون لاحقاً مخزوناً مروِّعاً كامناً خلف الباب المصمَت. كان السلاح متناثراً في كل مكانٍ في الداخل. بنادق وذخائر متكوِّمة في غرفة المعيشة والردهات وحجرات النوم، ومسدسات متناثرة على المناضد والمسطحات. وحين فتحوا الباب على مرآب السيارات المصنوع من أجزاء معدنية سابقة التجهيز؛ كان مزيد من الأسلحة متناثراً تحت أقدامهم. «حينها تغيَّر تماماً مفهومنا لتعبير (حمل بعير) من السلاح»، كما يقول قائد شرطة منطقة تشسترفيلد التابعة لولاية إلينوي، جاي بروكس. وبعد 6 أسابيع من الاكتشاف؛ لا يزال الضباط يحصون ويصنِّفون الأسلحة التي تبيَّن أن كثيراً منها مسروقة، ويُتوقَّع أن يقترب العدد النهائي من 5000 قطعة سلاح. وقال بروكس «لا أعرف إن كان قد حدث من قبل أي اكتشاف بمثل هذا الحجم». وتدور التساؤلات حول كيفية تخزين شخصٍ واحدٍ هذا الكمَّ من الأسلحة في وقتٍ يتسلط فيه الضوء مُجدَّداً على مدى سهولة الحصول على أسلحة نارية في الولاياتالمتحدة في أعقاب سلسلة من جرائم القتل الجماعي. وحتى في بلدٍ يزيد عدد من يملكون سلاحاً فيها عنه في أي مكان آخر في العالم؛ ظلَّ مخزون نيكلسون (51 عاماً) من الأسلحة استثنائيّاً. ولا يحصي المكتب الأمريكي للكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات عدد ما يضبطه من أسلحة، لكن أحد المتحدثين باسمه رجَّح أن يكون المخزون الذي اكتُشِفَ لدى نيكلسون من أكبر ما تم اكتشافه على الإطلاق. أما أسباب وتوقيتات الشروع في جمع مثل هذه الترسانة؛ فلا تزال في طي المجهول. ويحاول المحققون معرفة إن كان الرجل مجرد مولعٍ بجمع السلاح، أم إنه كان صماماً في «أنبوب من الصلب» يتيح تدفق الأسلحة النارية غير المشروعة من الجنوب إلى نيوجيرسي ونيويورك وولايات أخرى في الشمال. وصاحب المنزل مسجون حالياً لاتهامه بعددٍ من الجرائم المتعلقة بحيازة مسروقات. وتواجه زوجته شارون اتهامات مماثلة وإن كان أُفرِج عنها بكفالة. ورفضت الزوجة التطرق إلى تفاصيل القضية، لكنها أكدت خلال مقابلة سريعة أن زوجها كان يشتري أسلحته بشكل قانوني. وتفتح القضية ملفاتٍ تؤجج حواراً يزداد احتداماً حول حق الأمريكيين الدستوري في حمل سلاح، وهو حق لا يضع قيوداً على عدد الأسلحة التي يمكن أن يملكها المواطن. وحالة عدم اليقين التي تحيط بكيفية حصول نيكلسون على الأسلحة وما كان يفعله بها تُلقِي الضوء على الخلاف الذي يكتنف مبيعات الأسلحة الخاصة وتسجيلها وما ينبغي للحكومة أن تعلمه عن أصحاب الأسلحة وكيفية انتقالها من شخص إلى آخر. وتصدرت هذه القضايا حملة الانتخابات الرئاسية بعد سلسلة من حوادث القتل الجماعي كان آخرها إطلاق زوجين مسلحين بكثافة النار في حفل إداري في سان برناردينو بولاية كاليفورنيا يوم الأربعاء الماضي، ما أدى إلى مقتل 14 شخصاً. وجاء الهجوم بعد 5 أيام من مقتل 3 أشخاص في مستشفى في كولورادو، بينما قُتِلَ 10 آخرون في الأول من أكتوبر في كلية في ولاية أوريجون، ما دفع المرشحة الرئاسية المحتملة عن الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون، إلى تجديد مطالبتها ب «وقف عنف الأسلحة الآن» من خلال فرض قيود جديدة على شرائها. وعلى النقيض؛ يرى أبرز مُرشحَين في قائمة الحزب الجمهوري، وهما دونالد ترامب وبن كارسون، أن خير رد على العنف هو تمكين المواطنين من إحباط مثل هذه الهجمات من خلال تسهيل شراء السلاح وحمله. وبدأت أحداث قضية نيكلسون في 21 أكتوبر الماضي عندما أوقفه ضابط في منطقة يونيون بولاية نورث كارولاينا لتجاوزه إشارة مرور. وكانت السيارة الموقوفة تحمل لوحات معدنية غير سليمة، ولاحظ الضابط فوهات بنادق تظهر من وراء المقعد عندما اقترب منها. وبالبحث؛ تبيَّن وجود 20 بندقية و9 مسدسات وما يقرب من 200 من أقراص «هيدروكودون» المسكِّنة، وكانت معظم الأسلحة مسروقة. وأُلقِيَ القبض على نيكلسون بتهمة حيازة أسلحة مسروقة والاتجار في المخدرات ومخالفات تتعلق بالسيارة. وستبتُّ المحاكم في مصير هذا المخزون. ويعتقد الضابط بروكس أنه سيتقرر تدمير أسلحة كثيرة منها. ويقول بعضهم إن نيكلسون ربما كان لا يدرك أنه يشتري سلاحاً مسروقاً وأنه ينبغي السماح له بالاحتفاظ بالأسلحة التي يَثبُت أنها لم تُسرَق. ويدافع عنه أوتيس بيرتش (85 عاماً) الذي يعرف أسرته قائلاً «هذا غير منطقي، هو رجل صالح، ولم يكن يبيع تلك الأسلحة». ويؤكد بيرتش «طلبت منه منذ حوالي شهر أن يبيعني بندقية من نوع دير فقال إنه ليس لديه».