رأت مديرة برنامج الأمان الأسري الدكتورة مها المنيف أن معدل العنف ضد المرأة في السعودية متوسط مقارنة بالدول العربية، حيث تصل نسبة تعرض المرأة السعودية للعنف إلى 40%، وتنحصر بين العنف الجسدي والسلطة والتحكم والعنف الاقتصادي والعنف النفسي، مؤكدة مواجهة الرجل عنفاً لفظيّاً من الوالدين، لكنها أكدت أن الرجال لا يتعرضون للعنف الجسدي. وقالت في تصريحات ل «الشرق» بمناسبة اليوم العالمي لمحاربة العنف ضد المرأة، إن العنف يترك آثاراً جسدية أو معنوية على المرأة، مشيرة إلى أن آثاره لا تنعكس على المرأة فقط وإنما على أفراد الأسرة جميعاً. وبيَّنت أن تعرُّض المرأة للعنف الجسدي يترك آثاراً مدمرة قد تنتهي بالوفاة، كما أنه يخلِّف إصابات بليغة وإعاقات وتشوهات جسدية وحروقاً، فضلاً عن الأثر النفسي كفقدان الثقة بالنفس والقدرات الذاتية، والتدهور العام في الدور والوظيفة الاجتماعية والوطنية، وعدم الشعور بالأمان اللازم للحياة والإبداع، وعدم القدرة على تربية الأطفال وتنشئتهم بشكل تربوي سليم، إضافة إلى كره الزواج مما يولِّد تأزُّماً في بناء الحياة التي تقوم دائماً على تعاون مشترك بين المرأة والرجل. كما ينتج عن العنف ضد المرأة -وفقاً للمنيف- فشل المؤسسة الزوجية وتفشي حالات الطلاق والتفكك الأُسري، فينعكس ذلك بشكل سلبي على الأطفال فيكونون عرضة للتدهور الصحي، والحرمان من النوم، وفقدان التركيز، والخوف، والغضب، وعدم الثقة بالنفس، والقلق، وعدم احترام الذات، وفقدان الإحساس بالطفولة، وظهور آثار سلوكية مدمِّرة من قبيل استسهال العدوان وتبني العنف ضد الآخر، وتقبُّل الإساءة في المدرسة أو الشارع، ما يؤدي إلى بناء شخصية مهزوزة في التعامل مع الآخرين، بالإضافة إلى التغيب عن المدرسة، ونمو قابلية الانحراف. أمراض مزمنة وأشارت إلى أن دراسة «علاقة تجارب الطفولة السيئة بالأمراض المزمنة» التي طبقها برنامج الأمان الأسري الوطني في 13 منطقة إدارية من مناطق المملكة، أظهرت أن هناك ارتباطاً بين تجارب الطفولة السيئة والإصابة بالأمراض المزمنة وتبني السلوكات الخاطئة، حيث وجد أن هناك زيادة في نسبة الإصابة بالأمراض المزمنة كمرض السكري وضغط الدم للأشخاص الذين مروا بتجارب عنف أثناء نشأتهم، بالإضافة إلى زيادة ممارستهم السلوكيات الخاطئة. وأكدت أن صمت الضحية على العنف الأسري يساهم في تفاقمه خاصة إذا كان الجاني غير سوي السلوك ويتعاطى الكحول أو المخدرات، مبينة أن الشريعة الإسلامية أمرت بحفظ المرأة وصون كرامتها فهي أمانة في يد الزوج وهو ملزم شرعاً بالمحافظة عليها وضمان سلامتها. دور الأسرة وأوضحت المنيف أن فعاليات يوم الأمان الأسري الذي تنظمه مديرية الشؤون الصحية بعنوان «أسرتك.. أمنك» بمشاركة عدد من الوزارات والهيئات الحكومية والأهلية، تهدف إلى التأكيد على أهمية دور الأسرة في نبذ العنف والإرهاب، وتعزيز السلم والطمأنينة داخلها، بوصفها النواة الحقيقية لتكوين المجتمع وبناء الأجيال المقبلة، حيث تضمَّن برنامجه فعاليات ثقافية ورياضية وترفيهية، وحملات وقائية عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة والإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى عقد ورش عمل للمتخصصين والعاملين في مجال الحماية الاجتماعية، ومحاضرات وندوات عامة ومتخصصة مُوجهة لمختلف أفراد المجتمع في مناطق المملكة، وامتدت إلى المقيمين خارج الوطن عبر سفارات المملكة وملحقياتها الثقافية في دول الابتعاث بُغية توعية الشباب وأسرهم بمشكلة العنف الأسري، وما يترتب عليها من آثار سلبية على الفرد والأسرة والمجتمع. نقلة نوعية ولفتت إلى أن الاحتفال بيوم الأمان الأسري وجميع الفعاليات المتزامنة والمصاحبة له تؤكد على اهتمام المملكة وحكومتها بإبراز دور الأسرة في تحقيق الأمن من خلال دورها المحوري في تنشئة الأبناء الذين هم عماد هذا الوطن، فهي النواة لقيام مجتمع منتج ومتعايش في سلام ومحبة وإخاء. كما أن إسهامات الشركاء في تفعيل رسالة يوم الأمان الأسري عبر جهاتهم من خلال الفعاليات، تدل على أن رسالة برنامج الأمان الأسري هي رسالة وطنية تهم كل الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية والأهلية المشاركة كونها تمس كل أسرة في وطننا الغالي. ورأت المنيف أن صدور نظام الحماية من الإيذاء في أغسطس 2013 يعدُّ نقلة نوعية حقيقية فيما يتعلق بمجال الحماية من العنف والإيذاء في المملكة، مؤكدة أن النظام جاء شاملاً وداعماً ومؤيداً لكافة الجهود المبذولة من الجهات ذات العلاقة في المملكة، حيث يقدم النظام المساعدة والمعالجة والرعاية الاجتماعية والنفسية والصحية اللازمة، وقبل ذلك بث التوعية بين أفراد المجتمع حول الإيذاء والآثار المترتبة عليه. وتوقعت المنيف تحسن الخدمات المقدمة للضحايا من خلال دعم النظام للفِرَق التي تباشر الحالات سواء الفرق المنتشرة في القطاع الصحي أو الفرق متعددة التخصصات في القطاع الاجتماعي.