ليست كل الأمثلة الشعبية التي نتداولها فيما بيننا باختلاف مقاصدها صالحة «للاستخدام الآدمي»، فلربما كان بعضها سببا في ضياعنا أو بؤسنا، وفي أحسن الظروف سببا في تعطيل قدراتنا ومهاراتنا، أمثلة شعبية مسمومة أشبه ما تكون بحقن التخدير التي يطلقها صائدو الأسود فتسقط بلا حراك، بينما يتم نقلها إلى حظائرها لتصبح فرجة للناس بمبالغ زهيدة، لا يطالها منها سوى الأكل والشرب، بعد أن كانت ملوكاً في مساحاتها، لذلك فلا غرابة أن يلتف الناس حول قردٍ يشرب السجائر أو كلب بحر يثبّت الكرة على أنفه ويمررها إلى جماهيره، أكثر من أولئك الذين يقفون أمام سجن الأسد! صاحب صنعتين كذاب.. إحدى هذه الحقن المسمومة التي أطلقناها على الآخرين أو أطلقوها علينا، فمنّا من أصابته في مقتل، ومنّا من تسببت له بإعاقة حركية وعقلية واجتماعية واقتصادية وفكرية، وكثيرة هي الحقن المسمومة التي تتطاير من حولنا، ولسنا في صدد حصرها وإنما لأخذ عيّنة منها إلى مختبر الوعي، لنكتشف نتيجة تحليلها، فعيّنة صاحب صنعتين أثبتت أن المصاب بها لديه قدرات وآمال أكثر من غيره، لديه سعة في التعامل والصبر والتعلّم، والأهم من ذلك لديه تقدير لذاته واحترام لمهاراته وثقة بنفسه وتعدد لمصادر معلوماته، إن الإنسان السوي صاحب صنعتين وثلاث وأربع، بل إن الذي لا يستطيع إلا واحدة فذلك هو قليل الحيلة، ليس شرطا أن تكون الصفات كلها وظائف بل هوايات واهتمامات ومهارات بعضها يحسّن من بعض، إنما الشرط ألا تكون تلك الصفات من باب التباهي أو التخبط أو التقليد وإثبات صفاتٍ مزيّفة، فالضرر هنا سيكون متعديا إلى الآخرين إلى استحقاق صفة «كذاب» ليوم الدين، ابحثوا عن الصفات الأخرى التي تجيدونها ففيها تقدير لذاتكم، استخرجوا تلك الحقن المسمومة من عقولكم، ستجدونها في اللاوعي في اللا إدراك تنتشر وتتفشى، ثقوا بأنفسكم فأنتم تستطيعون أكثر مما تظنون، تزينوا بأكثر من صنعة.. فصاحب صنعتين جذّاب.