أضحى تضخم عقود اللاعبين في الدوري السعودي هاجساً يؤرِّق إدارات الأندية، ما دفع عجلة الصفقات المحلية نحو نفق مظلم، ومستقبل مملوء بالضبابية، لاسيما أن أزمة تضخم العقود تلوح في الأفق، خصوصاً في السنوات الأخيرة، حتى عانقت «سحب الضائقة المالية» بعد «المسرحيات التفاوضية» بمطاردة اللاعبين، وإثقال كاهل الأندية بحزمة ديون، والدخول في نفق المزايدات برفع القيمة المالية لعقود اللاعبين المحليين دون النظر إلى فائدتهم الفنية، وتحولت إلى معارك تفاوضية بين إدارات الأندية، وتخريب صفقات بسبب تعصب مقيت، وبحث عن انتصار إعلامي، وإقصاء النادي المنافس من خط المفاوضات، ما يعكس ضحالة فكر إداري، وإنفاقاً بعشوائية دون تحديد أهداف معينة للإنفاق المالي، والمضي قدماً نحو مستقبل عنوانه الديون التراكمية. والمبالغ الفلكية في سوق الانتقالات لا تتواكب مع المنتج الفني داخل الميدان، والهشاشة الفنية للعناصر المحلية ألقت بظلالها على مستويات لاعبي المنتخب المتأرجحة بين الصعود والهبوط، وهناك علاقة عكسية حدثت بين عقود اللاعبين المرتفعة ومستوياتهم المتدنية، وهناك لاعبون ارتفعت مؤشرات عقودهم حتى وصلت إلى مبالغ فلكية، في المقابل انخفضت إنتاجيتهم الفنية داخل الميدان، ناهيك عن المزاجية، واستغلال النجومية بشكل سلبي من خلال الانفلات السلوكي، والتصرفات السلبية، و«البلطجية»، فتارةً نجد لاعباً يتلفظ على مشجع، وتارةً أخرى نجد لاعباً آخر يعتدي على مشجع آخر، بالإضافة إلى فوضى المعسكرات. ونجحت لجنة الاحتراف بدراسة العقود، وإعادة صياغتها بعد وضع حدٍّ لسقف عقود اللاعبين، كإجراء احترافي للمساهمة في إيقاف أمواج التضخم العالية، وإنقاذ الأندية من طوفان الديون، التي كبَّلتها، وجعلتها تترنح في وحل المطالبات المالية، والسقوط في فخ الشكاوى. والملاحظ في كل فترةٍ لتسجيل اللاعبين، تصدر ملفات الشكاوى المشهد الرياضي على طاولة لجنة الاحتراف، ما يربك الأجهزة الفنية، ويزعج الجماهير، ويُحرج إدارات الأندية المكبَّلة بالديون، التي تضطر إلى الخروج من هذا المأزق عبر نافذة جدولة مستحقات اللاعبين، وقد أصبحت ممراً لغالبية الأندية. والعجز عن تسديد المطالبات المالية، واللجوء إلى الجدولة، هما دليلان واضحان على تخبطات إدارية، وعدم استغلال الموارد المالية بشكل مثالي.