يُقال بإن «في الصمت حياة للحالمين» ومن يسمع بتلك المقولة فسوف يحمل في نفسه علامات التعجب!! والواقع يقول إنها مقولة صحيحة ينقصها إضافة الخصوصية لها بكلمة لعالمنا العربي.. والأحلام في عالمنا الدنيوي وبكل تأكيد هي الشيء الوحيد الذي يشترك في امتلاكه جميع طبقات وفئات المجتمع، ومن حق كل كائن منا أن يعيش داخل بوتقة أحلامه الخاصة، فهي ليست مقتصرة على الأثرياء أو أصحاب الكراسي الدّوارة وحَملة الشهادات العليا.. ومع ذلك.. فإن الأحلام تختلف من حالم إلى حالم آخر، وتبقى الأحلام الخالدة هي من يسجلها التاريخ في صفحات الزمن لتكون شاهداً لمن لديه الرغبة بأن يحلم من الأجيال اللاحقة.. ثم إنه علينا أن نؤمن بأن كثيراً من تلك الأحلام الناجحة ولدت من رحم الفقر وقلة العلم.. وللفقراء أيضاً الحق المشروع في أن يعيشوا أحلامهم الزهرية فهذا الشاب «والاس جونسون» الذي كان شاباً فقيراً يعمل في إحدى ورش نشر الأخشاب وبعد أن قام رئيسه بطرده من العمل، قرر أن يرهن منزله المتواضع ليبدأ حلمه بمشروع صغير، ليصبح بعد فترة من الزمن يملك سلسلة فنادق«هوليدي إن» في العالم… سأتوقف هنا وسأتحدث عن حُلم القضية الفلسطينية، والفرق ما بين الحلم العربي والصهيوني.. فالحلم اليهودي لم يكن وليد اليوم، بل هو سيناريو قديم ومؤامرات اشترك فيها أطراف عدة لجعل أرض فلسطين أرضاً لليهود لخدمة مصالحهم… فبعد محرقة هولوكوست، بدأ حلم الهجرة اليهودية يصبح واقعاً وبدأت القضية تأخذ مسارها المؤلم يزيد يوماً بعد يوم عبر اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور ثم حرب النكبة الذي شاركت فيه مجموعة من الدول العربية، تلتها حرب العدوان الثلاثي وحرب الأيام الستة وبعض الاغتيالات التي جعلت من الحلم اليهودي الصغير في بناء كتيبة صغيرة ومساحة لا تتعدي 8% من مجموع الأراضي الفلسطينية يكبر ليصبح مساحة الحلم75% والخوف كل الخوف أن يتمدد الحلم ولا يبقى للمسلمين مطرح قدم هناك.. وعلى النقيض من ذلك فالحلم العربي باتجاه القضية الفلسطينية أصبح مع مرور الزمن «ينكمش» شئياً فشيئاً.. فبعد أن شاركت عدة دول عربية في حرب 48 كجيش واحد ضد العدوان الصهيوني انكمشت القضية لدى العرب لتصبح مجرد شجب واستنكار، ولأن العرب يؤمنون بأنهم قد «اتفقوا يوماً على أن لا يتفقوا» لذلك زادت كمية الانكماش حتى وصلت ذروته ولم يبقى من القضية بأسرها سوى التحليل والتنظير عبر وسائل الإعلام، فنحن أمة تميزت عن غيرها بتجارة الكلام وعلى كل حال فإن فقدنا أحلامنا في هذه القضية فعلينا كأمة أن نتمسك بُحسن الظن والنيات فيما بيننا وإن اختلفت الآراء، فإن اختلاف العرب فيما بينهم لن يفسد أحلام اليهود في التهام ما تبقى من أرض..! كَفْكِف دموعَكَ وانسحِبْ يا عنترة فعيونُ عبلة أصبحَتْ مُستعمَره لا ترجُ بسمة ثغرِها يوماً، فقدْ سقطَت من العِقدِ الثمينِ الجوهرة على العموم.. انتهت كلماتي في هذا المقال ولم تنته أحلامي كغيري من الحالمين في هذه الأرض، أعيشها كل مساء وسيبقى في منظوري الخاص بأن الصمت سيبقى نافذة في حياة الحالمين..