أطلق جنود الاحتلال الرصاص الحي والمطاطي على متظاهرين في الضفة الغربية فأصابوا 19 شخصاً بجروح، في وقتٍ قضت محكمةٌ إسرائيليةٌ بوقفٍ مؤقتٍ لهدم منازل فلسطينيين مُتَّهمين بتنفيذ هجمات. وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية ب «إصابة 19 مواطناً برصاص الجيش الإسرائيلي خلال مصادمات وقعت أمس في الضفة الغربية في مدن نابلس ورام الله والخليل ومخيم الجلزون وبلدة نعلين». وأشارت الوزارة، في بيانٍ لها، إلى تعرض 4 من المصابين إلى إطلاق رصاص حي على أطرافهم السفلية. فيما أصيب عشراتٌ آخرون بحالات اختناق وإغماء نتيجة الغاز الكثيف الذي أطلقه جيش الاحتلال لتفريق متظاهرين شبَّان شمال مدينة البيرة «16 كلم شمال القدس». وردَّ الشبَّان بإلقاء الحجارة بأيديهم وعبر مقاليع صوب الجنود الذين وقفوا على مسافة بعيدة. وفي الخليل؛ أصيب 8 متظاهرين بالرصاص الحي والمطاطي. وتشهد القدسوالضفة الغربية المحتلتان موجة مواجهات يومية منذ الأول من أكتوبر الجاري، ما أسفر عن استشهاد نحو 50 فلسطينياً ومقتل 8 إسرائيليين، كما قُتِلَ طالب لجوء إريتري بطريق الخطأ بعد الاشتباه في تنفيذه هجوماً في منطقة بئر السبع. ولجأت حكومة بنيامين نتنياهو إلى إجراءات تصعيدية لتطويق الهبَّة الشعبية ضد الاحتلال. وتعهد نتنياهو، في وقتٍ سابق هذا الشهر، بتسريع وتيرة هدم منازل فلسطينيين بحجة تنفيذهم هجمات. لكن المحكمة العليا الإسرائيلية أصدرت مساء أمس الأول أوامر احترازية مؤقتة تمنع فيها هدم 6 منازل في الضفة. وخلال الأسبوع الفائت؛ أصدرت حكومة نتنياهو 9 أوامر بهدم منازل نشطاء في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية. واستُشهِد بعض هؤلاء، فيما لا يزال آخرون معتقلين ولم تتم إدانتهم. لكن المحكمة العليا نظرت في عدة التماسات مُقدَّمة من قِبَل عائلاتهم وجيرانهم، وأصدرت أوامر احترازية مؤقتة تمنع هدم أو مصادرة هذه البيوت إلى حين إصدار قرارات جديدة. و«تم تحديد جلسة في المحكمة للنظر بشأن هذه البيوت في ال 29 من هذا الشهر»، بحسب مصدر. ويصف قانونيون سياسة هدم المنازل ب «غير المناسبة» كونها تتسبب فقط في الأضرار النفسية والمادية للعائلات. وقبل نحو أسبوعين؛ هدمت سلطات الاحتلال منزلاً في القدسالشرقية بحجة تنفيذ صاحبه هجمات ضد جنود. وبعد أيام؛ نفذ أحد سكان الحي ذاته هجمة جديدة. وإثر صدور قرار المحكمة؛ دافع نتانياهو عن موقفه، وعدَّ هدم البيوت «من الأدوات الأكثر فاعلية». وفي محاولةٍ من حكومته لتهدئة الوضع في القدس؛ رُفِعَت القيود على دخول المسجد الأقصى، وسُمِح للمصلين من جميع الأعمار بالصلاة فيه. وأبلغ مدير عام أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى، الشيخ عزام الخطيب، بتمكُّن نحو 25 ألف مصلٍّ من أداء صلاة الجمعة في المسجد بعد السماح بدخول كافة الأعمار للمرة الأولى منذ منتصف سبتمبر الفائت. بينما قدَّرت شرطة الاحتلال عدد المصلِّين بنحو 30 ألفاً. وفي الأسابيع الماضية؛ مُنِعَ دخول المصلِّين الذين تقل أعمارهم عن 40 عاماً. لكن القيود رُفِعتَ أمس في محاولةٍ على ما يبدو لتهدئة الوضع. مع ذلك؛ لاحظ الشاب الفلسطيني وسام أبو ماضي (20 عاماً) أن «الاحترام لا يزال غائباً»، ولفت إلى «حواجز وعمليات تفتيش»، متوقعاً تواصُل الهبَّة الشعبية مع دعوة الفصائل إلى «جمعة غضب». وتحدث أبو ماضي عن حالة خوف لدى المصلّين من تفسير أي حركة على أنها محاولة لتنفيذ هجمات. ويقع الأقصى في القدسالشرقية التي احتلتها إسرائيل وضمتها في عام 1967. وبموجب الوضع القائم منذ ذلك الحين؛ يُسمَح للمسلمين بدخول المسجد في أي وقت، في حين لا يُسمح لليهود بهذا الأمر إلا في أوقات محددة ودون الصلاة فيه. واندلعت اشتباكاتٌ في المكان منتصف الشهر الماضي مع تزايد زيارات اليهود له، ما زاد من مخاوف الفلسطينيين من محاولة تغيير الوضع القائم. وكانت القيود على الراغبين في دخول الحرم القدسي أحد العوامل الرئيسة وراء موجة المصادمات الأخيرة. بدوره؛ بدأ المجتمع الدولي جهوداً دبلوماسية مكثفة لاحتواء التصعيد. وعقد وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، ونظيره الروسي، سيرغي لافروف، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني، والأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، محادثاتٍ أمس في فيينا حول الأزمة. ومن المقرر أن يلتقي كيري الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في عمَّان اليوم. لكن كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، استبق اللقاء، وشدَّد على أن «أي جهود للتهدئة في المنطقة لن تنجح دون معالجة الأسباب الرئيسة للتوتر الذي تشهده أراضينا». وحدَّد عريقات شروط بلاده للتهدئة، موضحاً أن «أسباب التوتر التي يجب معالجتها هي استمرار الاحتلال والاستيطان والعقوبات الجماعية وهدم المنازل والإعدامات الميدانية ومحاولات تقسيم المسجد الأقصى».