السياسة الإيرانية تجاه دول الجوار، خصوصاً السعودية، تؤكد لنا العدائية الممنهجة على مر السنين، إذ تبدو بوضوح دولة متربصة ومترصدة على نحو سافر لكل ما يحدث في بلادنا بمبالغة حاقدة، وقد أوصلت الأمور إلى نقطة يمكن أن تكون حاسمة ونهائية في كشف حقيقة نياتها تجاهنا، قيادة وشعباً، لتتضح الصورة أننا أمام حالة ميؤوس منها ومن معالجتها في أطرها السياسية والدبلوماسية، لتبدو العدائية للمملكة مستمرة تستهدف كل ما هو إسلامي وعربي، ولأن المملكة الرمز، كما تعلم إيران فنياتها تتعدّانا إلى كل الأمة العربية والإسلامية لو عقلت ذلك واستوعبته، ولكن لنبقَ أمام الحالة الخاصة بنا لأن هذه الدولة لو وجدت سبيلاً لإلحاق الأذى والضرر بنا ما تهاونت. إيران تفقد الكياسة في رؤيتها وعلاقتها بالسعودية ليبدو الأمر حالة مرضية عقلية أو نفسية لديها يمكن أن نطلق عليها «متلازمة السعودية»، وهي حالة تجعلها تتعامل مع بلادنا مثل كابوس تكنّ له كل الحقد والكراهية التي يستحيل معها تقارب دبلوماسي أو سياسي وفقاً لأدبيات ومعطيات الجوار الآمن والتعايش المشترك وخدمة قضايا الأمة بنزاهة وشفافية دون تنافس أو عبث. السعودية أظهرت أنها لديها قوة رادعة لسياسة إيران في المنطقة، وأنها تستطيع تطهير الدول العربية من المد الإيراني، لأنها دولة السلام وتسعى للسلام، وليست دولة إرهابية توسعية ومقلقة ومزعجة لأمن وسلام المجتمع الدولي مثل إيران التي تتصرف وكأنها تقود مليارات المسلمين الذين لا يتفقون معها في خطها الفكري والمذهبي الذي يعمل على تعزيز الطائفية البغيضة بينهم. وإذا كانت السعودية تحتضن الحرمين الشريفين وتعتني بهما وترعى ضيوف الرحمن على مدار العام فهي تخلص في ذلك ويقدّر لها مسلمو العالم ما تفعله ويؤيدونها ولا يضمرون لها كراهية أو حقداً، وإنما احتراماً وتقديراً، فكيف لدولة تختلف عن غالب الأمة في مذهبها أن تقودهم وتتجه بهم نحو مشاريع سياسية تهدد أمن وسلام العالم بأسره وليس أمتنا الإسلامية وحسب؟! الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة تستهدف بشكل واضح السعودية، وتسعى للنيل منها، ولطالما أعلنت العداء وعزّزت النعرات المقسّمة للأمة، وعلينا أن نتعامل معها على أنها أصبحت عدواً حقيقياً وتهديداً مؤكداً لأمن بلادنا وقيمتها العالمية، ولا يبدو أنها تمتلك خط رجعة لهذا المسار العدائي، وبغض النظر عن وقائع تاريخية كثيرة مارست فيها صنوف التصرفات الكريهة وتسامحنا معها، إلا أنها منذ حج هذا العام وأدوارها السياسية في اليمن ولبنان والعراق وسوريا أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أنها في محل العدو، وقد فرضت علينا ذلك ويجب أن نتعامل معها وفقاً لذلك.