يواصل المهاجرون تدفُّقهم بالآلاف على كرواتيا، حيث يقترب فصل الشتاء البارد، بينما تبذل السلطات والمنظمات غير الحكومية جهوداً شاقة لمحاولة احتواء هذا الوضع الجديد، الذي يُتوقَّع استمراره طويلاً. ووصل أكثر من 90 ألف مهاجر معظمهم من الشرق الأوسط إلى كرواتيا، منذ منتصف سبتمبر الفائت بعدما أغلقت المجر حدودها مع صربيا، ما أجبرهم على إيجاد طريق جديد. وعلى الطريق الموحل في بابسكا؛ ارتجف الشاب السوري أحمد من البرد. ولاحظ أحمد (22 عاماً) أن البرد الشديد حلَّ هنا و«الوضع ليس سهلاً بالنسبة لي». وتعد بابسكا، القرية الواقعة في شرق كرواتيا، نقطة دخولٍ أوَّلية للمهاجرين الباحثين عن حياة أفضل في شمال أوروبا خصوصاً في ألمانيا. ورغم الريح والمطر؛ يبدي قليلون تذمراً أثناء انتظار نقلهم من القرية إلى مركز تسجيل في أوباتوفاتس على بعد نحو 12 كلم. و «لا بأس بالوضع للبالغين لكنه صعب على الأطفال» كما يقول سوري فرَّ من مدينة الرقة التي احتلها تنظيم «داعش». وتغير الطقس سريعاً في هذه السهول الواقعة في الشرق الكرواتي. ولاحظت المنسِّقة مع منظمة «أطباء بلا حدود» في مخيم أوباتوفاتس، ناتالي سال، أن السكان وطالبي اللجوء كانوا يعانون من ارتفاع درجة الحرارة، لكنها تدنَّت إلى نحو 5 درجات ليلاً، كما حلَّ المطر. وحذرت سال من مخاطرٍ على الأطفال تتمثل في انخفاض حرارة الجسم والالتهابات التنفسية. ويوزِّع الصليب الأحمر الكرواتي البطانيات والمعاطف الواقية من المطر في أوباتوفاتس، حيث وصل كثيرون بملابس خفيفة. وداخل المخيم الذي يستقبل حتى 4 آلاف شخص؛ زالت الفوضى التي شوهدت في سبتمبر وبدأ إدخال التحسينات شيئاً فشيئاً. وأقيمت بعض المنازل جاهزة الصنع لإيواء الأطفال والأمهات، إضافةً إلى خيام جديدة بعضها مُجهَّز بالتدفئة. لكن غالبية المهاجرين أُسكِنوا في خيامٍ عسكريةٍ كبيرة، تتجمع مياه الأمطار فوقها غالباً. وحالياً؛ يتم نقل معظمهم بسرعة إلى المجر ومنها إلى شمال أوروبا، لكن ليس معروفاً ما سيحدث بعد تهديد الحكومة المجرية بإغلاق حدودها مع الأراضي الكرواتية. وإضافة إلى مخيم أوباتوفاتس؛ يمكن لكرواتيا أن تستقبل بين 1.500 و2.000 مهاجر في زغرب، وأعداداً أصغر في مراكز إيواء مؤقتة أخرى في أنحاء البلاد، لكن تلك الأعداد يمكن أن يطغى عليها آلاف المهاجرين الذين يصلون يومياً من صربيا. وفي الوقت الحالي؛ تستخف زغرب بالتهديد الذي يلوِّح به رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، الذي وُصِفَت تصريحاته ب «المتبجحة» من قِبَل نظيره الكرواتي، زوران ميلانوفيتش. وقبيل الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل؛ تتحدث المعارضة الكرواتية عن طريق جديد للمهاجرين، انطلاقا من حدود مونتينيغرو وصولاً إلى أقصى جنوبكرواتيا قرب مدينة دوبروفنيك، التي تتمتع بمناخ معتدل. وتصر الحكومة في زغرب على أنها ستقنع المهاجرين بعدم سلوك ذلك الطريق، لكن السلطات المحلية تستعد لتلك الاحتمالات في منشآت عسكرية قديمة على شبه جزيرة بريفالكا. في غضون ذلك؛ من المتوقع تراجع أعداد المهاجرين مع حلول الشتاء، وتعاظم خطر عبور البحر من تركيا إلى اليونان. لكن المسؤولة في المفوضية العليا الأممية لشؤون اللاجئين، ألكسندرا كراوس، قالت هذا الأسبوع «في الواقع لا نعرف بعد كيف سيؤثر البرد على تدفقهم». ورأت أن «واجبنا إعداد مركز الاستقبال لطقس الشتاء».