بعد يومٍ من تلميح دمشق إلى إمكانية طلب تدخُّل قوات روسية على الأرض؛ أعلنت موسكو استعدادها للتجاوب مع هذا الطلب إذا صدر عن بشار الأسد. في الوقت نفسه؛ تحدثت مصادر عن رفض جنودٍ روس إرسالهم إلى سوريا، لكن الكرملين أكد عدم تلقيه شكاوى بهذا الخصوص. وأفاد الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أمس باستعداد بلاده لإرسال قوات برية للقتال مع قوات الأسد إذا طلب ذلك. ونقلت وكالة الأنباء العامة الروسية «ريا نوفوستي» عنه قوله «إذا كان هناك طلب من دمشق فسيُناقَش بطبيعة الحال وسيتم تقييمه في إطار اتصالاتنا الثنائية». لكنه رأى أن «من الصعب الحديث عن ذلك لأنه ما زال افتراضياً». وكان مسؤول أمريكي تحدَّث الإثنين الماضي عن إرسال موسكو مدفعية و7 دبابات إلى قاعدة جوية سورية، كجزء من تعزيزاتها العسكرية في بلدٍ تمزقه الحرب. وتثير هذه التعزيزات مخاوف غربية بشأن الآثار المترتبة عليها. وأعلنت واشنطن الثلاثاء الماضي أن وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، اتصل هاتفياً بنظيره الروسي، سيرغي لافروف، ليكرر له موقف البيت الأبيض الرافض لهذا الدعم. وأشار البيت الأبيض مساء أمس الأول، إلى انفتاحه على محادثات مع الروس بشأن سوريا. وأكد المتحدث باسمه، جوش آرنست، أن بلاده «تبقى منفتحة على مناقشات تكتيكية وعملية مع الروس، بهدف تعزيز أهداف التحالف (الدولي لمحاربة الإرهاب) ضد تنظيم داعش وضمان سلامة عمليات التحالف». في سياقٍ ذي صلة؛ ذكر موقع «غازيتا» الإخباري الروسي، أن جنوداً يحتجون على أوامر ممكنة بإرسالهم إلى سوريا. ونقل الموقع عن جندي يدعى ألكسي، أن قوات أُرسِلَت إلى مرفأ في جنوبروسيا دون إبلاغها بوجهتها الأخيرة، التي يخشى الجنود أن تكون دمشق. لكن ديمتري بيسكوف صرَّح بعدم تلقي مجلس حقوق الإنسان في الكرملين أي شكوى مثيلة. وبدا وزير خارجية الأسد، وليد المعلم، منفتحاً على إمكانية طلب تدخل قوات روسية في بلاده لتقاتل إلى جانب قوات النظام إذا دعت الحاجة، إلا أنه نفى الاستعانة بمثل هذه القوات حتى الآن. وتبرر موسكو دعمها الأسد بالقول إنها تستهدف محاربة الإرهاب، وتأمين مؤسسات الدولة ومنع كارثة تامة في الشرق الأوسط. وقال وليد المعلم للتليفزيون السوري الحكومي إنه «لا يوجد قتال على الأرض مشترك مع القوات الروسية حتى الآن، لكن إذا لمسنا ووجدنا حاجة فسندرس ونطلب»، واصفاً العلاقة بين الطرفين ب «الاستراتيجية العميقة» لجهة التعاون العسكري بينهما. واعتبر المعلم أن جيش حكومته قادر حتى الآن على القتال بمفرده، مُقرَّاً في الوقت نفسه بالحاجة إلى أسلحة متقدمة للتعامل مع المسلحين. وتتهم المعارضة السورية النظام بالكذب، وتؤكد استعانته بقوات أجنبية من إيران والعراق ولبنان إضافةً إلى مقاتلين أفغان. إلى ذلك؛ قدّر مسؤول أمني روسي عدد مواطنيه الذين يقاتلون ضمن صفوف تنظيم «داعش» في سوريا، بنحو 2400 من أصل 3 آلاف مقاتل، يتحدرون من دول آسيا الوسطى. وتوقع المسؤول، وهو النائب الأول لمدير جهاز الأمن الاتحادي سيرجي سميرنوف، تفاقم مشكلة اللاجئين الفارين من الشرق الأوسط إلى أوروبا، ما سيمثل تهديداً كبيراً محتملاً على بلاده، وفق تقديره. وأبلغ سميرنوف صحفيين بقوله «التأكيد على أن دعم موسكو يؤثر سلباً على الوضع في سوريا وتدفق اللاجئين على نحو خاص ليس صحيحاً، السبب في ذلك هو توسع داعش في المنطقة». ورأى أن هناك دولاً تحاول تفادي التعاون الدولي لمحاربة الإرهاب في تلميحٍ إلى أمريكا. وقال «هناك تعاون لكن ليس بالمستوى المطلوب خاصة مع الولاياتالمتحدة». وبعد إعلان البيت الأبيض عن مناقشات محتملة مع موسكو؛ اعتبرت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) مثل هذه المحادثات ضرورية على الأرجح «لتجنب حسابات خاطئة». ومن غير الواضح متى أو وفق أي شروط ستجري هذه المحادثات. وفي إفادة صحفية؛ بيَّن المتحدث باسم «بنتاغون»، بيتر كوك، أن الوزارة تحاول تجنب المشكلات والحسابات الخاطئة. ورغم انتقاد موسكو عمل التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب؛ أثار البيت الأبيض أمس الأول احتمال مشاركة الروس في الحملة العسكرية. وأبدى المتحدث باسمه آرنست ترحيباً بمساهمات بناءة من الروس في التحالف ضد «داعش». ووصل وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، إلى العاصمة البريطانية لندن أمس، لإجراء محادثات بشأن سوريا ومواطنيها، الذين فرّوا إلى أوروبا من صراع مستعر منذ أكثر من 4 سنوات. ولم يدلِ كيري بأي تصريحات لدى وصوله، وأفيد بأنه سيلتقي نظيره الإماراتي، الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، قبل أن يجري محادثات مع نظيره البريطاني، فيليب هاموند، علماً أنه سيصل برلين غداً الأحد. ولاحقاً؛ تطلَّع الوزير الأمريكي إلى إجراء مفاوضات عسكرية وشيكة مع الروس حول النزاع السوري. ونقل عن رئيسه باراك أوباما القول إن إجراء محادثات بين البلدين على مستوى عسكري هو المرحلة المهمة التالية و«نأمل أن تتم قريباً جداً». وشدد كيري على وجوب تدمير تنظيم «داعش» والتوصل أيضاً إلى تسوية سياسية في سوريا.