رغم انتشار الجداريات في الدول الأوربية والأمريكية إلا أنها تعتبر مولودة حديثة في عالمنا العربي، خصوصا أننا كعرب أو خليجيين لا نعترف بفن الرسم؛ مما جعل هؤلاء الرسامين في مهب الريح وخارج الحسبة الفنية التي يبحث عنها المجتمع. الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون حاولت جمع شتات هؤلاء الرسامين تحت مظلتها على استحياء إلا أن العدد كان متواضعًا لعدم ثقة الرسامين أنفسهم في الجمعية ولأنها لم تقدم لهم الدعم الكافي أو الخبرات أو العروض التي تصل للناس في المحافل الدولية. بداية نشأة الجداريات في مجتمعنا على جدران المدارس بين الطلبة وبدأت في الانتشار سريعاً على جدران «الجيران» ثم المرور بجدران الدوائر الحكومية حتى الوصول للشواطئ والأنفاق ولاحقا وصلت للسيارات. الفارق ما بين الفن والعبث هو أن هناك فناناً يرسم بشكل جيد وهناك عابثاً يتعلم الرسم على جدران الآخرين وقد تتنوع هوايات الرسم مابين «الفن، شخصيات، رياضة، شعر» وينتهي الفن بالأبيات الشعرية التي تخلد حب قيس وليلى التي يعيش تفاصيلها العابث بالجدران والشوارع. العبث لم يتوقف عند حد معين بل طال الجدارية الشهيرة «وين رايح» مما جعل صاحب اللوحة يقوم بترميمها مرة أخرى، بينما نجد أكثر المتضررين من هذا العبث هي المدارس التي تحاول جاهدة إزالة الذكريات والأشعار والحب التي سطرها أصحابها على جدرانها. الحقيقة المرة بأن على عاتق وزارة الثقافة والإعلام ممثلة في جمعيتها أن ترعى هذه المواهب وتقدم لهم المساعدة والدورات، وتقدم أعمالهم في عروض على مستوى عالمي يليق بهم كي تنتج جيلاً مبدعاً يحصد الجوائز العالمية، فمثلا أحمد زهير صاحب لوحة «وين رايح» لم نكن نسمع أو نعرف عنه شيئاً مع أنه أحد المبدعين سوى أن الحظ حالفه في رسم الجدارية الشهيرة التي ارتبط بها الشعب عاطفياً أكثر من صاحب الرسمة نفسه. أخيرا نعلم بأن هناك مواهب مدفونة وستبقى مدفونة إن لم يحاول أحد إخراجها، وسيستمر العبث على جداريات المدارس والملاهي والحارة وحتى بيتي أيضاً.