تظل المناصب تعيش دائماً تحت وطأة عدد كبير من المعايير التي ليس لها علاقة بالكفاءة والاحترافية، كون المنصب أحياناً له سمات معينة بعيدة كل البعد عن المهنية؛ وهذا ما يبث روح الإحباط في المتميزين والمبدعين وبالتالي خلق بيئة من السلبية لدى الطموحين. في دراسة حديثة نشرت في مؤتمر القيادات الإدارية الحكومية في معهد الإدارة للباحث الدكتور محمد البيشي، بينت أن أبرز معوقات العمل في المؤسسات الحكومية تكمن في ترشيح موظف لمنصب وحرمان زميله الآخر الذي قد يفوقه في الأداء مما يبث روح الإحباط وقد يتبعه بعدم الاعتراف بقيادته، وربما يعمل على إفشاله مما يتطلب وجود معايير واضحة وشفافة تمارس مع الجميع.. كما أشارت نتائج الدراسة إلى أن تقديم المسؤولين لعامل الولاء الشخصي على مصلحة الجهاز وتقديم المسؤولين لعامل الطاعة على الكفاءة كان من أهم مكامن الخلل في تنصيب القيادات في الأجهزة الحكومية. وطالبت توصيات الدراسة بأهمية اشتراط توفر الخصائص القيادية الإيجابية عند اختيار القادة الإداريين في الأجهزة الحكومية، وكذلك تطبيق الشفافية التامة وتجريم الممارسات الخاطئة مثل المناطقية أو القبلية أو المذهبية وأي صورة من صور الفساد بكل أشكاله. الدراسة لم تأت بجديد ولكنها تدعم السياسات السابقة في تولي غير المؤهلين للمناصب القيادية التي تُختصر في كلمة «القلقسة» و أصلها من قلقس أو قلقص الكلب -أكرمكم الله- إذا مشى خلفك وهو يحرك ذيله استئناساً بصاحبه! وهذا ما يفعله الموظف لمديره! لذلك كل معايير العمل الجاد والمخلص والمهني والاحترافي والمؤهل العلمي المتميز لا تقدم شيئا في بعض الأجهزة الحكومية التي تضع شعارها «القلقسة طريقك للمنصب» أو « قلقس حتى تترقى»!