ما الذي يعنيه تقريض المؤلَف «بفتح اللام» من قبل آخر؟ وما الذي نقرأه من تقريض المؤلف من قبل اثنين عوضاً عن واحد؟ لعل السؤالين السابقين سيحاصرانك بمجرد شروعك في قراءة «المهمل من ذكريات طالب تنبل» للكاتب والأديب أحمد عبدالرحمن العرفج الذي يتناول سيرته الدراسية من الابتدائية إلى «الدكتورية»، فقد اختار أن يختص هذه السيرة بمقدمتين كتب الأولى الأديب الكبير الأستاذ عبدالرحمن المعمر، وكتب الثانية الإعلامي اللامع علي العلياني. وما بين المقدمتين تكمن الحكاية ويتوق الحديث للحديث؛ فالأديب المعمر كتب بلغة الأديب المكتنز ثقافة ومعرفة وشواهد حياتية ثرية، فجاء ساردا ما له من ذكريات وآراء مع العرفج تدعم السيرة وتنطلق إلى أفق تتأبى على التأطير وكل ذلك بلغة أدبية ناصعة الديباجة مشرقة البيان. فيما كتب العلياني ما للعرفج من ذكريات عنده، ويحتفظ بها اعتزازا بهذا «التنبل» الذي يتضح ما له في مستكن شعور العلياني من خلال كلماته التي جاءت انتقائية معبرة عن الفخر بصديقه «التنبل» ومن هنا جاء عنوانه مستحضرا الذات، منسجما مع ما يحمله عن العرفج ونتاجه، خلافا لما اختاره الأديب المعمر من عنوان يعبق بروح التراث هو بمنزلة الوصف أو الحكم على الكاتب «مع شديد المراس أشم المعطاس» دون أن يغفل وضع بصمة الأستاذ الرؤيوية من خلال عبارة مرادفة «من المهد إلى اللحد» وكأنه بهذه العبارة يستحثه على استكمال سيرته الحياتية طالما ما زال سائراً على الطريق.. وهي نصيحة خبير ترسم المسار برؤية الكبار! بقي أن أشير كما هي طريقة العرفج إلى أن اختيار الشخصيتين المفترقتين خبرة وتجربة ومشارب والمتحدتين في حب العرفج يؤكد انفتاح العرفج على جميع الأعمار، ويشير بطرف خفي إلى نزعة العرفج كعامل معرفة نحو الأدب من جهة ونحو الإعلام من جهة أخرى!! هذا عن المقدمة؛ أما السيرة والتنبل فتلك حكاية أخرى تتطلب وقفة مطولة ولكن دون «تنبلة»!!