تحدثت في الجزء الأول من مقالة يوم أمس عن ذاكرة هيروشيما والقنبلة النووية التي نزلت على رؤوس اليابانيين في صباح 6 أغسطس من عام 1945م، وأنها ذات القنبلة التي تسعى إيران لامتلاكها، وكانت من اليورانيوم المخصب (235)، وتعتبر من الجيل الأول للسلاح النوي، وهو سلاح ليس للاستخدام. صنم لا يضر ولا ينفع ولا يملك موتاً ولا حياة ولا نشوراً. سلاح وصل إلى سقف الجنون، بامتلاك القوى العظمى أكثر من سبعين ألف رأس نووي، منها ما يحمله صاروخ ليصل إلى هدفه في عشرين دقيقة، في أي مكان في العالم؛ فينشر سبعة رؤوس من قنابل حرارية نووية كأنها جمالات صفر ويل يومئذ للمكذبين. إنها حفلة جنون كاملة أليس كذلك؟ كان جورباتشوف على حق حين قال العصر النووي يحتاج عقلية مختلفة. نحن مازلنا على عصر الغابة والهراوة. بسبب تحكُّم السياسيين في العلماء، وليس العكس. حقيقة لم أفهم لماذا حرص أوباما على صفقة النووي؟ ألم يكن بإمكانه أن يتركها تمتلك سلاحاً لن يستخدم؟ كما حصل مع باكستان؟ حين قامت أمريكا بغزو باكستان فقالت الأخيرة إنها تخاف على سلاحها النووي. إنها نكتة ولكن لا تُضحك مخلوقاً. حفلة الجنون النووي دخلتها إيران متأخرة، والكل يحاول أن يودع هذه الحفلة في أربع أو خمس اتفاقيات بين العملاقين (ستارت وسولت 1 و2) وتحريم استخدام وتجريب السلاح النووي فوق الأرض أو تحت الأرض أو في البحر، بعد أن جربت روسيا في صحراء بالاتنسك المئات، وأمريكا في صحراء نيفادا أكثر من 600 تجربة؛ ليصل الجميع إلى القناعة التي تقول إنه سلاح يفتح بوابة جهنم لمن أراد الدخول، ولكن ملالي طهران يريدون العبور إلى الجنة من خلال دخول النار، وهذا مستحيل للمتقين فمن دخلها لم يخرج منها قط. ربما قد يصلح للتفسير أنه تفاهم مع إيران حتى تدخل بيت الطاعة الأمريكية؛ فتأتمر بأمرها، ولا يقوم المجانين الأيديولوجيون بخطيئة استخدام هذا السلاح؛ لأنه سيعني نهاية إيران، وتلويث المنطقة إلى ثلاثين ألف سنة والتربة العالمية، بل وإشعال فتيل حرب نووية عالمية، لينتهي الجنس البشري من وراء الفكر الانتحاري الديني، كما رأينا في حوادث (أبها) حين فجّر انتحاري نفسه في ذكرى هيروشيما (6 أغسطس 2015م) وداخل مسجد؛ فأخذ معه إلى العالم الأخروي تسعة أنفار؛ فكان عدد من قُتل (تلك عشرة كاملة). كان فرويد وآينشتاين يتراسلان في ظروف الحرب الكونية؛ فذكر الأول شيئاً عن (التانتوس) و(الليبديو). أي لذة الحياة ويأس الموت. إنهما غريزتان مغروستان في جيناتنا، ولذا فمجانين إيران قد يقدمون على مثل هذا الجنون. طبعاً مجموعات داعش سوف تستخدمه دون تردد؛ فمجانين العالم أكثر من رمال صحراء الربع الخالي. لا ندري قد نكون على بوابات نهاية العالم كما رأينا في بشار البراميلي وقتله مئات الآلاف من السوريين كله من أجل كرسي لن يدوم! قال الشيطان يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى. كذب عليه مرتين وضحك عليه ثلاث مرات؟ فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة.. وعصى آدم ربه فغوى.. قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو… لحسن الحظ البعض للبعض، وليس الكل للكل كما في كتاب ليفياتان لهوبس.