في كرة القدم المحلية وفي ظل احتراف يحبو ويبحث عن موطأ قدم يبقى اللاعب المحلي كرة قدم تدحرجها الظروف والأهواء وسط خلط بين أمْس الهواية وغد الاحتراف. أقول هذا الكلام وأنا على يقين بجزئية لاعب يُعد جزءاً من المشكلة إن لم يكن كل المشكلة بسبب جهله المركب وسلوكاته الخاطئة في التعاطي مع مستقبله وجهله الواضح باللوائح والأنظمة. لاعبنا إن نام لا يعرف متى يصحو وإن استيقظ لا يعرف متى ينام، يهتم كثيراً بعلاقاته الخاصة، لا يُقيم وزناً لطعامه وشرابه، يرحب بكل دعوات السمر والحواري، يبدي ولعاً واهتماماً كبيراً بالممنوع. لاعبنا يريد مالاً كثيراً يشعر من خلاله بأنه قادر على شراء الدنيا ومن فيها، يريد أن يبقى حراً لا تُفرض عليه قيود أو ضوابط، يشعر أن غياب مُستحق أو الخصم منه جريمة. يفترض في نفسه التضحية من أجل ناديه، لا يُمانع هذا الحبيب في أن يتمارض وأن يبقى في العيادة ليرتاح من عناء تدريب، ويُفضل أن يلعب دور المُهرج وقت التدريب، يمارس العناد مع مدربه ويتحدث كثيراً عن كل المواقف لكل زملائه، يشعر بالفوقية ويؤدي تمارينه بتعالٍ وكأنها كابوس جاثم على صدره، ينفعل ويصطدم ويعتدي ويظن أنه خط أحمر. لاعبونا نحترم موهبتهم لكنها إن تعارضت مع النظام واللوائح ومصلحة الكيان فالنادي أدوم والأمثلة كثيرة ويمكن اصطيادها بسهولة. كل ما قلته سابقاً يتحقق بعضه أو نصفه أو قد لا يكون فيهم جميعاً؛ فهناك من لا يزال يُمارس كرة القدم ويعيش علاقة أبدية مع المدرجات وهناك من ما زالت تخطب وده وسائل الإعلام وترحب به وتفتح ذراعيها له، وهناك من تتسابق إليه المؤسسات العامة والخاصة. تُعاني الأندية كثيراً في تكييف عقلية اللاعب المحلي وتحاول أن تداريه كثيراً، وتبذل كثيراً لتلبي طلباته الطارئة، ويجلس إليه في كل مناسبة شخصية واثنتان وأكثر، إدارية وشرفية، لتنبيهه وتوجيهه ومع كل ذلك فإن الاستجابة لا تأتي. أنديتنا بين مطرقة لاعب يُكسِبها لكنه مزاجي ومدرج عاشق لا يقبل العذر لتبقى القضية نتائج مخيِّبة تُقيَّد ضد معلوم. الأندية تسنُّ اللوائح الداخلية وتقرأ الخارجية ولديها كوادر ومستشارون كثر لكنها تفضل كثيراً روح تلك اللوائح لا نصها. تتجدد المواقف بين اللاعبين المحليين وإدارات الأندية في كل فترة انتقال؛ فالنادي يريد أن يخفف الأعباء وأن يمنح اللاعب فرصة اللعب واللاعب يظن ذلك عداوة ولا يقبل ويظن نفسه الأجدر بالبقاء. النادي بين أمرين؛ لاعب يقبل بقرار الجهاز الفني ويحرص على مستقبله ويمارس اللعبة في مكان آخر ليبقى في دائرة الأضواء، ولاعب يبقى في دائرة العناد والتحدي ليتمرن أولمبياً أو منفرداً ليُنهي موسمه في غرفة فض المنازعات. اللاعب هو من يعرف مقدار نفسه وعليه أن يقاتل ويُقنع كل من حوله ويكون أكثر جدية وأكثر التزاماً، وإلا فإنه يجب ألا يلوم أحداً غير نفسه.