رجَّحت أنقرة وقوف تنظيم «داعش» الإرهابي خلف التفجير الانتحاري، الذي وقع صباح أمس في مدينة سوروتش «جنوبتركيا»، وأسفر عن مقتل 30 شخصاً على الأقل، وإصابة نحو 100 آخرين، فيما ندد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بالعملية، ووصفها ب «الإرهابية». وفي حال تأكدت مسؤولية «داعش» عن العملية، فإنها ستكون الأولى للتنظيم داخل الأراضي التركية المحاذية لسوريا، والعراق، اللتين تشهدان وجوداً متنامياً للمجموعات المتطرفة. وطال التفجير الضخم حديقة مركز ثقافي في مدينة سوروتش، الواقعة على بعد نحو 10 كيلومترات من مدينة عين العرب السورية «كوباني»، التي طُرِدَ مسلحون متطرفون منها في يناير الماضي بعد 4 أشهر من المعارك الطاحنة في مواجهة قوات كردية. وأفادت وزارة الداخلية التركية في بيانٍ لها ب «وقوع هجوم إرهابي في منطقة شانلي أورفا في سوروتش»، وأشارت إلى سقوط 27 قتيلاً، ونحو 100 جريح، نُقِلوا إلى المستشفيات، مشدِّدةً على أن الحصيلة مؤقتة. وبعيد ذلك، أكد مسؤول رفيع في مكتب رئيس الوزراء، أحمد داود أوغلو، سقوط 30 قتيلاً. وتحدث المسؤول، الذي طلب عدم كشف هويته، عن «أسباب قوية لدى الحكومة، تدفعها إلى الاعتقاد بتورط داعش في التفجير». وأعلنت الرئاسة الحِداد على الضحايا. وقال الرئيس، رجب طيب أردوغان، خلال زيارةٍ إلى الشطر الشمالي من قبرص «نحن في حِداد بسبب عمل إرهابي، أوقع 28 قتيلاً، وعديداً من الجرحى». ودعا إلى إدانة الإرهاب بغض النظر عن مصدره، وإلى بدء حملة دولية لمكافحة الإرهابيين، مشدداً بقوله «أنا أندد، وألعن باسم شعبي، مرتكبي هذه الوحشية». وبعيد التفجير في سوروتش؛ استهدف هجوم مماثل حاجزاً أمنياً لمقاتلين أكراد جنوب مدينة كوباني في الجانب الآخر من الحدود، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. ويُعتقَد أنه تم استخدام سيارتين مفخختين في الهجومين. وأعلن مدير المرصد، رامي عبدالرحمن، مقتل مسلحَين كرديين في جنوب كوباني جرَّاء تفجير سيارة مفخخة عند حاجز أمني لوحدات حماية الشعب الكردية. واعتبر المسؤول في مكتب رئيس الوزراء التركي أن «هذا الهجوم المتزامن في الجهة السورية من الحدود، يعزز شبهاتنا إزاء داعش». وكانت أنقرة عززت تدابيرها العسكرية على الحدود خلال الأسابيع الماضية مع سيطرة المقاتلين الأكراد على مدينة تل أبيض السورية، وإخراجهم مسلحين متطرفين منها. وربط محللون بين هذه التعزيزات، ومحاولة التصدي للمتطرفين، والأكراد السوريين في آن واحد. وتأخذ الدول الغربية بانتظام على حكومة أحمد داود أوغلو، تغاضيها، أو حتى تعاطفها مع التنظيمات المتطرفة، التي تحارب نظام بشار الأسد، وهو ما ينفيه المسؤولون الأتراك باستمرار، لكنهم يرفضون حتى الآن الانضمام إلى التحالف الدولي لمحاربة «داعش». وتحت ضغط سيل الانتقادات الغربية؛ أمر أوغلو، قبل نحو عام بتشديد تدابير المراقبة في المطارات، وعلى الحدود لمنع عبور متطرفين أجانب منها في طريقهم إلى سوريا. كما شن الأمن التركي في الأسابيع الأخيرة عمليات عدة وسط تغطية إعلامية مكثفة لتفكيك شبكات جهادية. ووقع تفجير يوم أمس في وقت تستعد فيه منظمات تركية قريبة من اليسار لإعلان رغبتها في عبور الحدود للتوجه إلى كوباني. وتقيم هذه المجموعات في المركز الثقافي الذي استهدفه الانتحاري. وتستضيف سوروتش آلاف اللاجئين الأكراد السوريين، الذين غادروا كوباني أثناء الهجوم الذين شنه المتطرفون عليها سبتمبر الماضي. وتسبّب هذا الهجوم، والمعارك العنيفة التي تلته طيلة 4 أشهر، في نزوح نحو 200 ألف شخص إلى الأراضي التركية، ولم يعد منهم إلا 35 ألفاً بعد انتهاء القتال. تعهد رئيس الحكومة التركية، أحمد داود أوغلو، بتشديد التدابير الأمنية على الحدود مع الدول المجاورة في أعقاب مقتل 30 شخصاً على الأقل جرّاء تفجير استهدف أمس حديقة مركز ثقافي في مدينة سوروتش (جنوبتركيا). وأدان البيت الأبيض التفجير ووصفه بالهجوم الإرهابي الشنيع معبِّراً عن تضامنه مع أنقرة. وأكد أوغلو، خلال مؤتمر صحفي عقده مساء أمس في أنقرة، عدم التعرف بعد على هوية الانتحاري الذي استهدف حديقة مركز ثقافي في سوروتش، لكنه رجَّح ارتباطه بتنظيم "داعش" الإرهابي وفقاً للعناصر الأولى للتحقيق. ووعد بتوفير المعلومة متى توافرت، مشيراً إلى عدم التوصل إلى أحكام نهائية بعد. وتحدثت وسائل إعلام تركية عن امرأة عشرينية يُعتقَد أنها التي نفذت التفجير. إلى ذلك؛ أعلن أوغلو مواصلة نشر التعزيزات العسكرية على الحدود مع سوريا. وكانت خطة تعزيز الوجود الأمني على الحدود بدأت قبل أسابيع. بدورها؛ أدانت واشنطن بشدة "تفجير سوروتش"، واعتبره عملاً إرهابياً شنيعاً. وعبَّر البيت الأبيض، على لسان المتحدث باسمه جوش إيرنست، عن "تضامننا مع الحكومة والشعب في تركا"، مجدِّداً التأكيد على "تصميمنا الثابت على القتال ضد التهديد الإرهابي المشترك".