لو كان لشوارعنا لسان لرددت بعلو صوتها مقولة سيف الله المسلول “ما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم”. وذلك بسبب ما تعانيه من مطبات وحفر وتحويلات ومشاكل هندسية مستمرة. ولو كتبت قصة حياتها لأسمعت من به صمم. والسبب أننا نسير بشكل مختلف عن بقية خلق الله ومعاكس للطبيعة، فنحن نبيع الأراضي أولا ونبنيها ونسكنها ثم تأتي البلدية لتخططها وترصفها ثم تعود لمد المجاري ثم رصفها وسفلتتها بطريقة بدائية فتجدها معوجة محدبة كثيرة الحفر يشعر من يسلكها بأنه على ظهر دابة تجول طرقا وعرة، فالأرض تباع بمعزل عن أي تصور للتطور السكاني والعمراني الطبيعي للمنطقة، لذا تفتقر شوارعنا لمعظم قوانين الهندسة والتصميم من حيث مخارجها ومداخلها واتساعها وتلبيتها للحاجة وافتقارها لأبسط متطلبات الطرق. وقد تصحو لتجد منزلك الذي اشتريته في حارة سكنية بمواصفات معينة يوما ما قد انتقل فجأة ليصبح مكشوفا على عمارات تجارية لم يكن مخططا لها من قبل. وقلما يجد المرء منطقة أو شارعا سلم من هذه الجراحة التبشيعية. ولعل هذا الحال يفرض بعض الاستفهامات التي يصعب أحيانا لسبب أو لآخر الإجابة عليها. إذ كيف يعقل أن تكون سفلتة الطرق هي الأسوأ في بلد منتعش الاقتصاد كالمملكة؟ ثم أين المنحنى الطبيعي للتعلم؟ فقانون الطبيعة يفترض أن الإنسان يتعلم من أخطائه وتجاربه ليتجنبها مع الوقت فتزداد مهارته في البناء والتخطيط والتنفيذ. ثم أين البلدية من هذا التخطيط العشوائي ومن المسؤول عن إعطاء تصاريح لبيع الأراضي قبل تخطيطها وإنارتها ومدها بالخدمات الأساسية وفقا لأفضل المعايير الهندسية والحضارية الممكنة لتوفير حياة كريمة للمواطن وحفظ موارد الوطن من التخبط؟