اليوم الذي لا يكفرونك فيه يفجرونك، واليوم الذي لا يفجرونك فيه يكفرونك، وأنت وحظك ونصيبك: إما كافر وإما أشلاء، وإما في منزلة بين المنزلتين تنتظر فتى مباركاً يحشرك في كابوس ما بحسب اجتهاده وما يراه صالحاً لجنابك الكريم، ويالها من حياة فاتنة وعاقلة وملتزمة جداً بأهداب الدين يحسدنا عليها العالم، ويهفو إليها أولاد الفرنجة!! نعيش في أيام الجنون والتطرف والعدمية المطلقة؛ إما تفجير وإما تكفير، ولم نعاقب إلى اللحظة محرضاً واحداً أو نستأذنه في الصمت أو الانصراف أو حتى في خفض معدلات التحريش بين أغبياء السنة والشيعة وعامتهم المستضعفين في كل بلد، الذين ينحازون إلى المجهول شيئاً فشيئاً.. نسير إلى حتفنا الجماعي فوق طرق دموية حادة ومدمرة للحياة والتعايش وآمال المستقبل؛ لا مكان فيها للوسط وأنصاف الحلول.. يا أبيض يا أسود؛ إذ لا يوجد بيننا عُصاة ولا أهل هوى ولا مذنبون أو مقصرون بل مفاصلة كارثية: إما كفار وإما مسلمون، ويا عيني على الملائكية والمدن الفاضلة. يلعنون الفتنة النائمة ويتحرشون بها كل يوم جمعة؛ يلعقون أقدامها على كل منبر كي تهبهم من قيحها وصديدها وفجورها ما تيسر؛ ثم يقولون بمنتهى الغباء لا تجروا شعوبكم إلى حروب أهلية لا تبقي ولا تذر.. ما أحلاكم!! العمائم الملعونة تضاجع الحريم في القصور والمخابئ؛ ثم تحشر الحمقى إلى حتفهم دون رحمة، والآباء والأمهات يبكون دماً وينكسرون إلى ما لا نهاية دونما حل ناجع ونهائي لهذه المحرقة.. فالمحرضون يقولون ما يريدون أمام الملايين دون أي احتجاج. غاضبون من كل شيء، وعلى خلاف حاد مع كل أحد.. كل منا يرى نفسه حامي الدين وناصره ورافع رايته؛ بينما هو مجرد قاتل صغير في طابور طويل من الأغبياء وعملاء المخابرات، أو محرض لعين يعيش في نعيم!! في يوم نريق دم سني، وفي يوم آخر نريق دم شيعي؛ نذهب للعزاء وندين ونشجب ونستنكر، ولكننا نقبل رأس المحرض ونستمع له حينما يخطب، ونذهب به ومعه إلى الحكومة كي يتبرأ مما حصل في اليوم الثاني للتفجير. أما ثمننا جميعاً في المسجد وفي الحسينية فهو رخيص جداً ولا يكاد يذكر لتفاهته وعاديته التي لا تلفت الأنظار ولا تحتاج إلى معجزة: مجرد حزام ناسف على خصر أهبل، أو سكين بصل من أقذر مطبخ، أو لتر بنزين من محطة على طريق مهجور.. لقد ربح البيع أيها الأشاوس فأهلاً بكم في جهنم!!