أنهت الحكومة والمعارضة في تركيا أمس حملتيهما للانتخابات التشريعية وسط أجواء مشدودة وذلك غداة هجوم جديد على الحزب الكردي الأبرز أسفر عن مقتل شخصين وجرح العشرات. وأفادت مصادر قضائية بأن الانفجار الذي وقع خلال تجمع انتخابي لحزب الشعب الديمقراطي الكردي في ديار بكر جنوب شرق تركيا نجم عن قنبلة محشوة بكرات معدنية. ويسعى حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا إلى الحصول على غالبية كبرى في الانتخابات التشريعية الأحد، وإلى تعديل الدستور لتعزيز سلطات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. لكن استطلاعات الرأي أشارت إلى أن الأصوات التي سيحصل عليها الحزب قد تتراجع مقارنة بنسبة 50 % التي أحرزها في الانتخابات الأخيرة عام 2011، وقد يضطر إلى تشكيل ائتلاف. ولم تؤكد الحكومة بعد ما إذا كان تفجير ديار بكر نتيجة هجوم بقنبلة، وأفادت تقارير أولية بأن عطلا في مولد كهربائي كان السبب وراء الانفجار. لكن مصادر قضائية في ديار بكر قالت إن المحققين أكدوا أن الانفجار نجم عن قنبلة. وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه إن «الخبراء جمعوا مئات الكرات المعدنية وقطعة من أسطوانة معدنية». وأكد أنه لم يتم اعتقال أي مشتبه به في الانفجار حتى الآن. وأضاف المصدر أن هناك تسجيلات من كاميرات تصوير كما عثر على بصمات على أجزاء من الأسطوانة المتفجرة، فضلا عن هاتف جوال قد يكون استخدم في العملية. وأكد المدعون في ديار بكر في بيان سقوط قتيلين وأكثر من مائة جريح. وهذا الانفجار ليس الأول الذي يستهدف حزب الشعب الديمقراطي الكردي الذي يمثل الأقلية الكردية في تركيا لكنه يحاول اجتذاب العلمانيين الأتراك بشكل متزايد. وخلال الحملة الانتخابية، قتل مجهولون سائق حافلة تحمل شعار الحزب الأربعاء، كما استهدف انفجاران الشهر الماضي مقرين للحزب، واقتحم قوميون أحد تجمعاته. وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إن الهجوم كان «استفزازا صريحا يستهدف ديمقراطيتنا واستقرار تركيا». من جهته قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مقابلة تليفزيونية مساء الجمعة إن الهجوم «محاولة للتأثير على الانتخابات». وأدى الانفجار إلى إلغاء لقاء ديار بكر، حيث كان مقررا أن يلقي زعيم الحزب المعارض صلاح الدين دميرتاش خطابا. ودعا دميرتاش أنصاره إلى الهدوء. وقال عبر حساب حزبه على تويتر «إنهم (خصومنا) يريدون خلق حالة من الذعر والفوضى. أدعو جميع سكان ديار بكر إلى التزام الهدوء». وأقام عدة آلاف أمس اعتصاما احتجاجيا في مكان الانفجار في ديار بكر، ملوحين بأعلام حزب الشعب الديمقراطي ومرددين «حزب العدالة والتنمية يتحمل المسؤولية». وتتجه الأنظار إلى النتيجة التي قد يحرزها حزب الشعب الديمقراطي اليوم. فإذا تجاوز عتبة 10% التي تجيز له دخول البرلمان فقد يحرم حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان، من الغالبية البرلمانية الكبرى التي يحتاج إليها لإقرار تعديل دستوري يعزز سلطات أردوغان الرئاسية. وفي حملة لاذعة وشخصية، شن أردوغان سلسلة من الهجمات ضد دميرتاش، واصفا إياه ب«الفتى الأنيق» الذي يعمل كواجهة للمقاتلين الأكراد. وقام القادة السياسيون الأتراك بالمحاولة الأخيرة لاجتذاب الأصوات قبل انتهاء المهلة القانونية للحملات الانتخابية في وقت مبكر من مساء السبت. واختتم داود أوغلو، الذي فقد صوته من عبء الحملة الماراثونية، جولته في مسقط رأسه في منطقة قونيا في وسط تركيا. وأشارت استطلاعات الرأي إلى أن الانتخابات ستشهد تنافسا كبيرا، مع حصول حزب الشعب الديمقراطي على ما يقارب 10% من الأصوات. ويواجه حزب العدالة والتنمية ضغوطا أكبر مقارنة بالانتخابات السابقة، بعد تراجع الاقتصاد وتزايد الانتقادات في تركيا والخارج حول نزعة أردوغان السلطوية. ومن المتوقع أن يحل حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي في المرتبة الثانية، يليه حزب الحركة القومية، ومن ثم حزب الشعب الديمقراطي.