يقول الزعيم الهندي (غاندي) إن الشعب الهندي كلما أراد أن يتّحد ضد الاستعمار الإنجليزي، قام الإنجليز بذبح بقرة ورميها في الطريق بين المسلمين والهندوس، كي يُشعلوا الفتنة ويستمر الصراع فيما بينهم، تاركين الاستعمار يأخذ مجراه. ولعل الأحداث المؤسفة التي شهدتها القديح مؤخراً هي أشبه بتلك البقرة التي ذبحها أعداء الدين والوطن وألقوها على قارعة الطريق، هدفها الرئيس هو نشر الفتنة بين أطياف البلد الواحد وزعزعة أمن الوطن من خِلال خلايا إرهابية تنفذها أيد شابة غُرّر بهم، يجهلون الغاية التي خلقنا الله لأجلها في هذه الأرض وهي إعمارها "لا" نشر الفساد وقتل الأنفس فيها بغير حق. تلك العملية الإجرامية لم تكن سوى محاولة فاشلة لتصعيد الكراهية بين أطياف المجتمع الواحد، انُتهكت فيها حُرمة الزمان والمكان واستبيحت فيها دماء الأبرياء، وهذا الفكر الضال قد يجعلهم يفعلون فعلتهم تلك في مساجد السنة، لأن الغاية الحقيقية خلفها هو استهداف أمن الوطن وشق وحدة المجتمع وخلخلة الصف. مُرتكب هذه الجريمة الشنعاء داعش يبقى (عدوا غامضا) كبقية الأنظمة الإرهابية الأخرى، قد نختلف جميعاً في معرفة هوية تكوينه الحقيقي ومن يقف خلفه حتى أصبح بعُبعاً يهدد أمن المنطقة، وعن مصادره التمويلية الكبيرة حتى جعلت دولاً إقليمية وغربية تقيم تحالفًا في محاولة إسقاطه. لكننا نتفق جميعاً أنها جماعة متطرفة لا عقل ولا قلب ولا روح لديها، تحمل في طّياتها أجندة فاسدة اتخذت من الدين غطاء لاستعطاف قلوب البشر وطريقاً لتنفيذ مآربهم، يعزفون أفكارهم الباطلة على وتر إقامة خلافة إسلامية في الأرض، وفي الواقع أنهم لا يملكون لغة دين ولا لغة عِلم سوى لغة قطع الرؤوس وتنفيذ المجازر الجماعية وبث التوترات المذهبية، يحملون أفكاراً مسمومة تسبح ضد التيار، حتى أصبحت أفعالهم أمام العالم تعكس صورة سيئة عن الإسلام، ينطبق عليهم ما قاله أحمد ديدات «إن أشرس أعداء الإسلام هو مسلم جاهل يتعصب لجهله ويشوه بأفعاله صورة الإسلام الحقيقي ويجعل العالم يظن أن هذا هو الإسلام». بينما ديننا السمح أرقى وأعلى من ذلك، فهو لم يُجِزْ قتل الراهب المتعبد في صومعته أثناء القتال وهو معتزل الناس. نهاية الأمر أقول: إن تلك الأحداث لا تزيد الوطن إلا ثباتاً في مواصلة عجلة التنمية والحياة، وسنعيش في ظل هذا الوطن يداً واحدة ضد من يريد المساس بأمنه ومقدراته، ولقد خاب من أراد أن يزرع بيننا فتنة.