أصبحت الهوية الحقيقية للمنتج الدرامي الناجح هي فوضوية الإنتاج الدرامي نفسه. حديثي هذا ليس اتهاما أو تهكما، بل هو حقيقة ملموسة في السوق المحلي والخليجي بشكل عام. وبالرغم من أن هذه القضية والمحور الإنتاجي بالتحديد يعتبر خطاً مستهلكاً من قبل كثيرين من الكتاب والنقاد، إلا أنني أرى أن هناك خطاً مخفياً يجب مراجعته. فالأعمال الدرامية كل عام تشابه بعضها حتى أصبحت «طبعة» واحدة لا تختلف عن الأخرى إلا في الممثلين. وبالرغم أيضا من ذلك، فإن معدل الطلب على هذه الأعمال «المنتهية الصلاحية» ما زال عالياً وكبيرا، نظرا للتدفق العالي للإنتاج الدرامي في الخليج من القنوات التلفزيونية الحكومية والخاصة، نظرا للإقبال على المؤلفين والكتّاب المستهلكين من أبناء أجيال بعيدة عن التطور التقني والمتغيرات الاجتماعية الحالية، هنا أضع تساؤلا مهماً، هل المعضلة في ذوق المشاهد أم هي في المادة التي تقدم؟ وإن كانت الإجابة في صالح أحد الخيارين، فلماذا لم تحاول هذه الشركات علاج التكرار والمحتوى «المنتهي الصلاحية» حتى الآن؟. ما زالت القضايا المزعجة و«المنتهية الصلاحية» كالمخدرات والتفحيط والعقوق والسكن وما إلى ذلك من قضايا عامة، محور إبداع المؤلفين بالرغم من أننا في زمن مختلف. فقد برزت قضايا ذات أبعاد فكرية وثقافية واجتماعية مختلفة، ولكن تظل ولا تزال تقف أمام تجاهل كبير. فلماذا لم أر من يتحدث بجدية عن معاناة المبتعثين وتجارب الالتحاق بالدراسة خارج المملكة وخريجي الشهادات غير المعتمدة، بالإضافة لعديد من القضايا الحساسة وهي حديثة العهد بمجتمعنا الخليجي. نصيحة أخيرة: لو أن المؤلفين كلفوا أنفسهم بقراءة الصحف يومياً لاستطاعوا استخراج مئات الحلقات والقصص التي تستحق العرض والمحاكاة، عندها سيصبح لدينا إنتاج درامي متميز ينافس الإنتاج العالمي. ولكن ذلك لن يحدث حتى تصبح لدينا هيئة أو حتى جمعية تعنى بالمؤلفين تكافئ وتعاقب، فلو كان ذلك موجودا لما كنا نعاني «العفن» الدرامي الذي نشاهده كل عام.