قصة شائعة مخبز تقول إن مخبزاً وضع لافتة تقول «بكرة العيش بلاش» فصدق البعض وذهبوا باكراً من أجل العيش المجاني فوجدوا اللافتة كماهي وعلموا من الشائعة أن «بكرة لن يأتي أبداً»! وقصة ناقلة الشمام المضروب الذي سوف يتسبب في الفتك بعشرات الآكلين بالإيدز الخطير وقبل ذلك قصة العطر القاتل الذي برشة عطر من صاحبه سوف ترديه قتيلاً وغير ذلك من قصص الشائعات التي نصدقها ونتفاعل معها وبقص ولزق نحيلها من صدر متلق إلى قلب متلق آخر لنعيش أكاذيب وأوهاماً من مخيلة شخص أو جهة لا ندرك مدى سلامة نياتها بنا خاصة في أوقاتنا الصعبة. إن نقل الشائعات في الأوقات الصعبة كأوقات الحروب ومواسم انتشار الأوبئة كارثة على المواطن وعلى اقتصاد الوطن وإهدار لوقت وفكر الإنسان الذي كرَّمه الله. فالتفكير الذي خصّ الله تعالى به الإنسان يوجِب على العقل الإنساني التثبت عند سماعه خبراً أو نقل معلومة ما، بل إن القرآن الكريم يؤكد على ضرورة التثبت عند سماع خبر ما وعدم إساءة الظن فهو أمر رباني.. أضف إلى ذلك أن بعض الأمور يحتاج إرجاعها إلى ذوي الاختصاص قبل تناقلها، فهل من العقل أن نصدق أن فتاة ارتدت سروال جينز فاكتشفت أنها حامل ! هذه الشائعة قبل أن تتناقلها الرسائل كان ينبغي أن تعرض على محفل طبي أو لجنة طبية. لذا كان علينا التفكر والتمهل قبل إطلاق الشائعة بل والتفكر بعمق في نيات المسؤول عن إطلاق تلك الشائعات. كثير من الشائعات في أوقات الحرب تهدف إلى ضرب وحدة الوطن في الصميم وإخراج الشعوب عن ولاية حكامها وزعزعة وطنيتها وتفتيت شعارات الإخوة فيما بين أفراد الوطن الواحد، وهذا يتأتى بنقل شائعات مغرضة لا صحة لها عن تحركات فئة للهجوم على فئة أخرى أو مقتل جنود في موقع معين أو انتشار خبر جالية تعمل على اقتحام البيوت لسرقتها والاعتداء على حرمتها، وهذا في مجمله سوف ينشر الذعر ويثير مكامن الخوف في قلوب المواطنين ويزعزع ثقتها برجال الأمن الذين وجدوا لحمايتهم. وحتى شائعات زيادة الرواتب وتمديد الإجازات تحقن المواطنين بالسخط والاتكالية على المدى البعيد، فكم من الساعات خسرت المؤسسات الحكومية والخاصة جراء تغيب الطلبة والمدرسين وإحساس الموظفين بالغبن وتقاعسهم عن الدوام، إما لشعورهم باستحقاق الراتبين المعلن عنهما أو بضياع الإجازة المزعومة . ومما يسهل انتشار الشائعات سهولة وصول وسائل التواصل إلى أيدي المتعلم وغير المتعلم والواعي وغير الواعي مما يستدعي وسائل الإعلام إلى العمل على توعية الفئات غير المتعلمة وغير الواعية بخطورة نقل الشائعات، وذلك برسائل ومقاطع فيديو تشرح مدى خطورة نقل الأخبار قبل التثبت منها. إنني الآن أسوق أمنية واحدة وهي أن يسفر اللثام عن صانع إشاعة متمكن لأجري معه مقابلة ودية وأسأله السؤال التالي: «وأنت تطلق الشائعات كالقنابل الفتاكة، ايش تحس فيه»!