يقال إن ما يؤلم الشجرة ليس الفأس، ما يؤلمها حقاً، هو أن عصا الفأس من خشبها. كانت يد الغدر الإرهابية قد امتدت إلى رجال الأمن، لتستمر العمليات الإرهابية، ويستمر نزيف الدم الطاهر لشهداء الواجب. ولا أحد يدري نهاية هذه الحرب على الإرهاب؛ فهي حرب تحتاج إلى صبر طويل، وعزيمة راسخة، فأمامنا مواجهة لا تنتهي، مواجهة ثقافية، دينية، أمنية، مجتمعية، لمحاصرة الإرهاب، والتضييق عليه، والضغط على «عجينة إرادته» حتى ترتخي. إنها مسألة وقت. تحتاج محاربة الإرهاب إلى إعادة رسم السياسات الثقافية، والتعليمية من جديد، لنزع أي تعاطف محتمل مع التيار المتشدد، ويحتاج هذا إلى مزيدٍ من تحرير الإعلام، وتطويره، ودعمه مادياً بشكل متواصل، ويحتاج أيضاً إلى إعادة رسم ملامح المؤسسات الدينية، وحقيقتها، شكلاً وموضوعاً، وتطوير خطاباتها الموجهة إلى شرائح المجتمع المختلفة، ويكون ذلك من خلال وضع رؤية، ورسالة، وأهداف لهذه المؤسسات، أي وضع خطة استراتيجية، تكون محددة بمدة زمنية، وخلال كل سنة يعاد تقييم إدارة هذه المؤسسات، وهذه الخطة، إضافة إلى تأطير ذلك بقوة القانون من خلال تفعيل الأنظمة القانونية، والنهوض بالمؤسسات ذات الصلة، التي تعاني من أنها تُشغل، ويتسنّم قيادتها غير المتخصصين. إن تقييم وتقويم أداء هذه المؤسسات، هو حاجة ملحّة، وضرورية. إن الحرب على الإرهاب «مكبوحة» بعدة أنظمة ثقافية، ودينية، واجتماعية، وهي معرقلة لها، وفي بعض الأحيان مناهضة لها، ونحن هنا نقف، وسنقف حتماً، أمام تساؤلات جوهرية حتمية: هل نحن قادرون، وراغبون في التغيير، وهل نمتلك آليات التغيير، والدعم السياسي له، وهل نحن متأهبون للخروج من حالة «التنميط الثقافي» السائدة، انطلاقاً إلى سعة الأفق العالمي؟ إن الإجابة عن هذه الأسئلة البسيطة هي مؤشر النصر، أو الهزيمة في الحرب على الإرهاب، فليس السلاح، والأمن فقط، هما آليتا دحر «الموج الإرهابي»، فنحن نحتاج إلى قلب الطاولة، وإعادة رسم الأنساق الثقافية، والدينية، والمجتمعية، والتعليمية، والإعلامية من جديد. إنها حالة تطوير متواصلة لإحداث تغيير في العقل الجمعي ليحمل هو بنفسه، ودون حاجة إلى تسيير، راية مكافحة، ومحاربة الإرهاب.. ونواصل.