رفض مجلس التعاون الخليجي أمس اعتبار المبادرة الخليجية، التي طرحها في اليمن قبل أربعة أعوام سبباً في تدهور الأوضاع في هذا البلد، وأكد أمينه العام، عبداللطيف الزياني، أن «الحصانة القضائية الممنوحة للرئيس السابق علي عبدالله صالح سبقت المبادرة»، معتبراً أنها جنَّبت اليمنيين حرباً أهلية، بينما أعلن الحوثيون رفضهم الشرط الذي حددته الحكومة الشرعية لبدء حوار معهم؛ وهو التخلي عن الأسلحة الثقيلة والتصرف ككيان سياسي. ميدانياً؛ واصلت مقاتلات التحالف العسكري العربي بقيادة المملكة قصف مواقع للحوثيين والقوات الموالية لصالح في سادس أيام عملية «إعادة الأمل»، التي بدأت الأربعاء الماضي. وأفاد مسؤول محلي في مدينة عتق (عاصمة محافظة شبوة) بأن المقاتلات وجهت ضربات إلى خمس مدارس حولَّها المتمردون إلى مقار عسكرية ومخازن ذخيرة و«كانت تحتوي أيضاً على دبابات وعربات مدرعة». وأكد أن الغارات خلَّفت 12 قتيلاً من القوات الموالية لحلف (الحوثي – صالح) ودمَّرت غالبية المعدات الموجودة داخل المدارس الخمس. ونقلت وكالة أنباء الأناضول التركية عن شهود عيان في المحافظة قولهم إن الطائرات قصفت موقعاً عسكرياً يتمركز فيه المتمردون وقوات موالية للرئيس السابق في جبل حيد بن عقيل الواقع بمديرية عسيلان. وذكرت الوكالة أن القصف أدى إلى تدمير دبابة وعربة مصفحة كانت تتمركز في الجبل منذ أيام، بينما شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من مواقع القصف. وتسيطر قوات حلف (الحوثي – صالح) على مدينة عتق منذ أكثر من أسبوعين. وفي وقتٍ تعرضت مواقع عسكرية للمتمردين في الضالع إلى قصفٍ جوي؛ أفيد بمقتل 14 شخصاً وإصابة العشرات جراء اشتباكات عنيفة وقعت في عددٍ من مناطق المحافظة بين مسلحي المقاومة الشعبية والقوات المتمردة. وقالت مصادر إن مقاتلات التحالف قصفت أمس مواقع للواء 33 مدرع في محيط مدينة الضالع (مركز المحافظة) ومعسكر الجرباء وموقع الخربة، كما استهدف تعزيزات عسكرية في منطقة قعطبة. و«شاهد سكان النيران تندلع في هذه المواقع، في وقتٍ قامت الطائرات بعملية إنزال أسلحة للمقاومة»، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية في مصر. بموازاة ذلك؛ نسب موقع «المشهد اليمني» الإخباري إلى مصدر في المدينة قوله إن مسلحي المقاومة تمكنوا من استعادة المواقع الممتدة من أعلى مواقع معسكر الأمن المركزي حتى حي التضامن عقب اشتباكات. وتحدث المصدر عن سقوط عشرة قتلى بين صفوف الحوثيين وجرح العشرات منهم، وأشار إلى ترك زملائهم كل الأسلحة، التي كانت بحوزتهم ومنها مدرعة وأسلحة متوسطة وتراجعهم صوب مستشفى السلامة المجاور لمعسكر الأمن المركزي. «كما وقعت اشتباكات بالقرب من حي الجمرك على أطراف مركز المحافظة، حيث يتمركز مسلحو الحوثي داخل مبنى الأمن العام»، بحسب المصدر. وردَّ الحوثيون، وفقاً ل «المشهد اليمني»، بإطلاق قذائف الهاون بشكل عشوائي صوب منازل المواطنين ما أدى الى تدمير عددٍ من المنازل ومقتل أربعة مدنيين وإصابة آخرين بينهم أطفال بجروح متفرقة. في غضون ذلك؛ تواصلت الاشتباكات في عدن (جنوباً)؛ إذ شنَّت المقاومة هجوماً عصر أمس في حي دار سعد استهدف قوات التمرد. وذكر موقع «عدن الغد» أن المقاومة استخدمت أسلحة خفيفة ومتوسطة خلال الهجوم، الذي استهدف قناصة متمركزين على أسطح مبانٍ وفنادق في المسافة بين دواري السفينة والكراع. وشُنَّ الهجوم بعيد قصف المقاتلات مواقع في حي دار سعد ومنطقة خور مكسر وعند أطراف المدينة الشمالية والشرقية. بدوره؛ صرَّح أحد قادة المقاومة العدنية بأن نحو 70% من المدينة باتت تحت سيطرة الحكومة بعد أن كان الانقلابيون قد توغلوا فيها. وأبلغ القائد الميداني أبو همام «راديو سوا» أن قواته استولت على أسلحة وذخائر جلبها الانقلابيون إلى المدينة خلال الأسبوعين الماضيين. ونقل موقع قناة «الحرة» عن مراسل «راديو سوا» في عدن أن خطوط الإمداد لقوات الحوثيين والرئيس السابق قُطِعَت من مختلف الاتجاهات إثر تقدم القوات الموالية للشرعية. وإلى الغرب من عدن؛ شنت المقاتلات غارتين على مواقع للقوات المتمردة في ضواحي مدينة لودر (ثاني أكبر مدن محافظة أبين) ما أسفر عن تدمير آليات وعربات عسكرية وسقوط قتلى وجرحى. وأوضحت مصادر أن الغارتين استهدفتا جبل ثرة (جنوب لودر) ومواقع في المنطقة الرابطة بين المدينة ومحافظة البيضاء المجاورة. وحاولت قوات التمرد التقدم بالقرب من منطقة القواعين في المحافظة، بحسب مصدر قال إنها قصفت عدة قرى بينها قرية السلامية بسلاح الدبابات. وأوضح المصدر أن اشتباكات متزامنة وقعت في مفرق العين بلودر وجبهة عكد. وبعد يومٍ من القصف العشوائي لمنازل مدنيين في تعز؛ أفادت وكالة الأنباء الفرنسية بأن مئات من سكان المدينة الواقعة جنوبي غرب اليمن غادروا منازلهم أمس متجهين إلى مناطق نائية هرباً من الآلة العسكرية للمتمردين. وكان السكان قد اتهموا الحوثيين بتنفيذ قصف عشوائي على أحيائهم أمس الأول. ونقلت «الفرنسية» عن مصادر محلية أن 17 مدنياً سقطوا في المدينة خلال يومين من المعارك. وكانت مصادر تعزية قد أفادت أمس الأول بتحقيق المقاومة تقدماً ميدانياً وسيطرتها على مستشفى الثورة والمعهد الصحي وتبة الدرن. وردَّت مقاتلات التحالف على تصعيد الحوثيين في المدينة باستهداف معسكر قوات الأمن ومعسكر التشريفات الواقع بجوار القصر الجمهوري صباح أمس، وقال شهود عيان إن دوي الانفجارات، التي وقعت بعد القصف الجوي سُمِعَ في أنحاء المدينة. ولليوم الرابع على التوالِي؛ قصفت المنطقة العسكرية الثالثة في مأرب مواقع للحوثيين في منطقة صرواح (غرب المحافظة) مستخدمةٍ صواريخ الكاتيوشا، وتزامن ذلك مع صد مسلحين قبليين تقدماً للميليشيات في المنطقة نفسها. وأسفر القصف، الذي نفذته المنطقة العسكرية الثالثة عن احتراق معدات عسكرية وسقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف المتمردين، بحسب مصادر محلية. ومنذ أسبوعين؛ تشهد مأرب مواجهات عنيفة بين القبائل والحوثيين في مناطق مدغل ومجزر وصرواح شمال وغرب المحافظة. وشمالاً؛ تعرضت دار الرئاسة في صنعاء لغاراتٍ فجر أمس، وقال موقع «المشهد اليمني» إن «المستهدَف كان اجتماعاً سرياً لقيادات عسكرية وسياسية حوثية وأخرى موالية لصالح»، لافتاً إلى «تضرر رتل من الدبابات كان يتحرك من اللواء الثالث في دار الرئاسة؛ جراء القصف». سياسياً؛ أعلن مجلس التعاون لدول الخليج العربية عن ترحيبه بتعيين مبعوث أممي جديد في اليمن. وقال الأمين العام للمجلس، الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، إن الدول الأعضاء ترحب بتعيين ولد شيخ أحمد مبعوثاً جديداً للأمين العام للأمم المتحدة في الجمهورية اليمنية. وأكد في بيانٍ له أمس؛ حرص دول المجلس واستعدادها لدعم جهود المبعوث الأممي الجديد «لاستكمال العملية السياسية السلمية وفق المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة تعزيزاً لأمن اليمن واستقراره». وتعهَّد بألا تترك الدول الأعضاء في مجلس التعاون اليمن في محنته، مؤكداً أنها تعمل بالتنسيق مع مختلف الأطراف للتوصل إلى الحل السياسي. في الوقت نفسه؛ دافع الزياني عن المبادرة الخليجية، التي شكلت في عام 2011 منطلقاً لحل الأزمة اليمنية، ورفض القول إن تطبيقها أسهم في وصول الأمور إلى طريق مسدود، قائلاً «هذه المبادرة التي حظيت بدعم دولي وقبول من جميع الأطراف؛ حققت أهدافها في وقتها ومنعت انزلاق اليمن إلى حرب أهلية آنذاك». وجدد خلال مشاركته أمس في فعاليات «أيام مجلس التعاون» في الدوحة؛ التأكيد على أن المبادرة كانت أفضل الحلول وقتها، واتهم مَنْ سمَّاه «أحد الأطراف اليمنية» بالانقلاب على الجهد الخليجي، نافياً أن «تكون المبادرة الخليجية قد منحت الرئيس السابق الحصانة من المساءلة لأن الحصانة سبقت المبادرة». ويُنتظَر أن يعقد وزراء خارجية دول التعاون اجتماعاً في قاعدة الرياض الجوية الخميس المقبل تحضيراً لقمة خليجية على مستوى القادة ستستضيفها العاصمة السعودية في ال 5 من مايو المقبل. وسيتدارس الوزراء خلال اجتماعهم تطورات الأوضاع في اليمن. كما سيتصدر الموضوع اليمني مشاورات يعقدها أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، هذا الأسبوع. ودعمت أنقرة السعودية ودول التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن، واتهمت طهران مراراً بالسعي إلى الهيمنة على الشرق الأوسط. وأبلغ أردوغان صحفيين في أنقرة أمس أن المشاورات ستبحث القضايا الإقليمية ومنها سوريا واليمن و«الخطوات التي يمكننا اتخاذها معاً خاصةً بشأن اليمن». وأوضح «سنقدم بعض الصفقات للكويت تفيد البلدين خاصةً الصفقات بشأن الدفاع». ولم تشارك تركيا، صاحبة ثاني أكبر جيش في حلف الأطلسي، في عمليتي «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل»، لكنها أبدت استعدادها لتقديم مساعدة في مجال الإمداد والتموين والدعم المعلوماتي. في سياقٍ متصل؛ جدَّد وزير الخارجية اليمني، رياض ياسين، هجومه على عبدالملك الحوثي وعلي عبدالله صالح ونجله أحمد، ووصفهم ب «المجرمين». وأبلغ ياسين هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أن حكومة بلاده ترى أن على الحوثيين التصرف ككيان سياسي و«هي مستعدة للتفاوض معهم بشروط»، داعياً إياهم إلى الانسحاب من المدن والتخلي عن أسلحتهم الثقيلة. لكنه شدد على وجوب استبعاد زعيمهم، عبدالملك الحوثي، والرئيس اليمني السابق أو نجله أحمد (قائد سابق في الجيش) من أي مفاوضات. في المقابل؛ أكد القيادي الحوثي، محمد البخيتي، رفض جماعته شروط التفاوض التي طرحها وزير الخارجية، معتبراً أنه «لا يحق لأحد وضع أي شروط لاستئناف الحوار». ووصف البخيتي، في تصريحاتٍ صحفية أمس، تصريحات ياسين ب «غير واقعية لأن هادي وحكومته لم يعد لهم موطئ قدم في اليمن، وهو ليس طرفاً في الحوار، لأن الحوار ليس بين أفراد وإنما بين قوى سياسية، وبالتالي لا يحق لهم وضع أي شروط لاستئنافه». ودعا القوى السياسية إلى العودة لطاولة الحوار واستكماله من حيث انتهى و«أن يكون تحت رعاية الأممالمتحدة»، مشيراً إلى «الارتباط بين استمرار الحوار وعودة الممثل الأممي إلى صنعاء للاستمرار كوسيط». وجدَّد البخيتي التأكيد على أن وقف العمليات العسكرية العربية ليس شرطاً لاستئناف الحوار «لكنه ضرورة». وأكد قيادي حوثي آخر، هو هاشم عدنان البليبي، رفض الجماعة المتمردة شروط التفاوض التي تحدث عنها ياسين. وعدَّ البليبي «مبادرة ياسين فاشلة ومرفوضة»، وقال إن «الشعب اليمني يدعو هادي وجماعته إلى ترك السلطة لفسح المجال السياسي أمام حل داخلي في البلاد»، متهماً الرئيس ب «محاولة قطع الطريق على حل سياسي داخلي ومنع اللجان الثورية والحركة من السيطرة على البلاد».