يواجه الحوار بين الأطراف الليبية، المُنتظَر استئنافه الأسبوع المقبل، صعوبات تنذر بإطالة أمد النزاع، بحسب محللين. ويرى المحلل في معهد كارنيغي للسلام، فريدريك ويري، أن صعوبة المحادثات تكمن في أن اللاعبين فيها ليسوا مرتبطين بالضرورة بالجماعات المسلحة على الأرض «التي لا تنضوي بدورها تحت قيادة موحدة». ويلاحظ أن «هناك براغماتيين ومعتدلين في الجانبين يريدون إنهاء القتال ويرون أن محاربة التطرف تكون عبر حكومة موحدة، لكن هناك أيضاً متشددون يخشون أن يخسروا مواقعهم في النظام الجديد في حال جرى التوافق على وقف إطلاق نار وحكومة جديدة». ومنذ أغسطس الماضي؛ انقسمت البلاد بين فريقين رئيسين، ففي الشرق حكومة يعترف بها المجتمع الدولي فيما تدير حكومة أخرى مناوئة لها العاصمة في الغرب. ولكل حكومة قوة عسكرية وبرلمان ووكالة أنباء وشركة للنفط. وتتهم الحكومة المعترف بها السلطات الحاكمة في العاصمة بالانقلاب على الشرعية بعد طردها من طرابلس إثر مواجهات دامية، بينما تقول الحكومة الموازية إن السلطة المناوئة لها انقلبت على مبادئ الثورة، وسط حرب إعلامية شرسة تدور بين الجانبين. وتخوض قوات الطرفين مواجهات دامية يومية عند أطراف المناطق الخاضعة لسيطرة كل طرف. ويسيطر تحالف «فجر ليبيا» على العاصمة، ويضم مجموعات إسلامية ويقول إنه يتبع رئاسة أركان الجيش، في حين يقود الفريق أول خليفة حفتر قوات الجيش الوطني ويعمل تحت راية «عملية الكرامة». وقُتِلَ منذ بداية الحرب بين هذه القوات في يوليو الماضي أكثر من 3 آلاف شخص، بحسب منظمة «ليبيا بادي كاونت» المستقلة التي تعتمد على مصادر متنوعة بينها دوائر الطب العدلي. ورغم هذا الانقسام والمواجهات اليومية؛ تقول الأممالمتحدة التي ترعى المحادثات بين الممثلين عن الحكومتين في المغرب إن الدخول في مرحلة انتقالية تشمل حكومة وحدة وطنية يضع البلاد على طريق الحل. ويربط مدير مشروع شمال إفريقيا في «مجموعة الأزمات الدولية»، اساندر العمراني، بين «نجاح الحوار ومدى إمكانية عزل المفسدين»، معتبراً أن الصعوبة تكمن في أن «التعامل يتم مع سلطتين منقسمتين إلى أبعد الحدود، في الوقت نفسه فإن كلا الفريقين منقسم فيما بينه أيضاً». ويشدد العمراني على «أهمية الحفاظ على زخم الحوار، فهناك شعور بالحاجة للتوصل إلى اتفاق مبدئي إذ إنه كلما مر الوقت كلما مُنِحَ المخربون فرصاً جديدة للقيام بأعمال تُغيِّر الواقع على الأرض». وسمحت الحرب في ليبيا للجماعات المتطرفة فيها باستغلال الفوضى الأمنية وغياب قيادة موحدة لتعزيز نفوذها، وباتت هذه الجماعات تسيطر على مدن ومناطق في الشرق والوسط، ومن بينها «أنصار الشريعة» الموالية لتنظيم القاعدة والمصنفة على أنها جماعة إرهابية. وكما حدث في النزاعين السوري والعراقي؛ وجد تنظيم «داعش» المتطرف موطئ قدم له في فوضى ليبيا، وأعلن عن وجوده في درنة شرقاً وسرت في الوسط، وبات يتبنى تفجيرات في العاصمة ومحيطها. ويقول العمراني إن التنظيم «يستغل الفراغ وحالة الاستقطاب التي تعيشها ليبيا حاليا، فيما يميل طرفا الحرب الرئيسيان إلى التقاتل بينهما بدل مقاتلة داعش». ومع تصاعد نفوذ المتشددين؛ باتت أوروبا ترى في ليبيا أرضاً خصبة لتدريب العناصر المتطرفة ومنطلقاً لهؤلاء نحو أراضيها خصوصاً أن الساحل الليبي لا يبعد سوى 350 كلم عن الجنوب الأوروبي بدءاً من إيطاليا. لكن رغم الخطر، تصر معظم الدول الغربية على الحل السياسي وتجنب التدخل العسكري، نظراً للتعقيدات الإضافية التي قد تنتج عن تدخل مماثل. ومن شأن التوصل إلى حل سياسي في ليبيا فتح الطرق أمام مواجهة خطر تصاعد التطرف، كما يقول أستاذ العلوم السياسية علي الزليتني. لكنه يحذر من أنه «ما لم تتوفر الإرادة الحقيقية لدى الليبيين خصوصاً الفاعلين على الأرض منهم فإن الحرب هذه ستستمر لسنوات حتى يجد الليبيون أنه لا بد أن يجلسوا على طاولة حوار تنهي الصراع والانقسام، كما حدث في لبنان».