عدد الدول التي وقعت على المعاهدة الدولية للحد من انتشار الأسلحة النووية 189 دولة، وتبقى الهند وباكستان من الدول النووية التي لم تصادق على هذه المعاهدة وكوريا الشمالية التي أعلنت انسحابها عام 2003م من المعاهدة، أما إيران فهي أيضا من الدول التي لم توقع على الاتفاقية بالإضافة إلى إسرائيل التي يرى مراقبون وجود مؤشرات شبه مؤكدة على امتلاكها النووي. بالنسبة للمملكة العربية السعودية لم يعد من المستبعد امتلاكها أيضاً النووي خاصة بعد فشل المساعي الأمريكية والأوروبية لنقل اليورانيوم المخصب من إيران إلى روسيا، الذي فاجأت به إيران الغرب قبل 24 ساعة من موعد المهلة المحددة، قبل أيام. إيران بكل تأكيد عازمة على إكمال مشروعها النووي – الذي أنفقت عليه مليارات الشعب الإيراني وأمضت سنوات لجمع اليورانيوم- والوقت هو العامل الوحيد الذي تلعب به من خلال المفاوضات واللقاءات لأجل إتمام مشروعها النووي، في المقابل تباطؤ الجانب الأمريكي في اتخاذ إجراءات حسمية تتعلق بالنووي الإيراني كما حصل مع الكيماوي العراقي، يعطي دلالة على رغبة أمريكا ضم إيران لحلفائها خاصة مع علم أمريكا أن الثقة السعودية بدأت تتدهور وأن الرياض ترى عدم قدرة أمريكا على معالجة النووي الإيراني وليس على عدم الرغبة، بل على عدم القدرة الأمريكية فقط- كحسن نية- ، كما أن الاجتماع الأخير بين وزراء الخارجية العرب وجون كيري وزير الخارجية الأمريكي لم يعط أي مؤشر بشأن مفاوضات الملف النووي الإيراني ولكن اكتفى بطمأنة دول مجلس التعاون على التزام أمريكا بأمن ومصالح دول المنطقة والخليج وهي التصريحات التي باتت لا تسمن ولا تغني. كما أن تحالفا كهذا مع أمريكا قد يشكل ضربة موجعة للجانب الروسي. الجدير بالذكر أن إيران عندما بدأت برنامجها النووي لم تكن تغفل ما ستؤول إليه الأمور سواء من ناحية العقوبات الاقتصادية أو من ناحية العلاقات الدبلوماسية والدولية، وقرارها التخلي عن نقل اليورانيوم إلى روسيا جاء بعد مرور ثلاثة أيام على انطلاق عاصفة الحزم الأمر الذي قد ترى أنه يخدم ملفها النووي ويكون ذريعة لها لإشغال العالم عنه. إن من بنود معاهدة الحد من انتشار النووي التي تم الاتفاق عليها أن لا يستعمل السلاح النووي إلا إذا تعرضت الدول إلى هجوم بواسطة الأسلحة النووية من قبل دولة أخرى. ولاشك أن صيغة المعاهدة تحتاج إلى إيضاح أو تعديل فلا يكفي لاستخدام السلاح النووي مجرد التعرض إلى هجوم، بل إن مجرد التهديد أو حتى وجود مؤشرات قوية على تهديد مصالح الدول المجاورة بالنووي كما هو الحال مع إيران من أقوى الدوافع لتملك السلاح النووي، وما تصريح السفير السعودي لدى أمريكا بقوله: «السعودية ستبني برنامجها النووي الخاص وستصنع قنبلتها النووية لمواجهة البرنامج النووي العسكري في إيران» الذي جاء رداً على المماطلات الإيرانية إلا مؤشر على وجود عزم قوي على تملك السلاح النووي وهو ما يفرضه واقع الحال، وكمؤشر قوي يدل على ذلك ما قامت به الرياض مؤخراً من توقيع مذكرة تفاهم مع كوريا الجنوبية لبناء مفاعلين نوويين بتكلفة قدرها مليارا دولار، فالمملكة لها ثقلها العالمي في جميع المجالات الذي يؤهلها لامتلاك النووي ولعل الغرب بدأ يعي أن مسألة المفاوضات لها حد عند الجانب السعودي ولن تبقى مكتوفة الأيدي وهي تشاهد إيران أو غيرها تنشئ ترسانة نووية تعرض بها مصالحها أو مصالح حلفائها للخطر، وأكبر دليل هي عاصفة الحزم التي بينت أن لكل قضية حدا تنتهي معها مفاوضات الكلام وتبدأ معها مفاوضات الأفعال.