رصدت الأممالمتحدة في تقريرٍ أصدرته أمس تعرُّض النشطاء في ليبيا لهجمات انتقامية وتهديدات متزايدة بالخطف والقتل من جميع أطراف الصراع وسط فوضى مسلحة تسود هذا البلد، في الوقت نفسه قتل مسلحو تنظيم «داعش» الإرهابي في سرت خمسة من مقاتلي قوات «فجر ليبيا» التي تسيطر على طرابلس. وكشف التقرير الأممي، الذي أعده مكتب حقوق الإنسان في الأممالمتحدة وبعثة المنظمة في ليبيا، عن مجموعة من الهجمات العنيفة ضد نشطاء ليبيين داخل بلدهم وخارجها في بعض الأحيان. وأشار إلى حالة الناشطة في منظمات المجتمع المدني، انتصار الحصائري، التي قُتِلَت وعُثِرَ على جثتها وجثة عمتها الشهر الماضي في صندوق سيارة في طرابلس. وأورد أيضاً عدداً من جرائم القتل، التي وقعت في بنغازي العام الماضي ولا تزال دون عقاب، ومن بينها مقتل المحرر الصحفي مفتاح أبو زيد والمدافعة عن حقوق الإنسان سلوى بوقعيقيص وناشطان شابان آخران في المجتمع المدني هما توفيق بن سعود وسامي الكوافي. بدوره، استبعد رئيس قسم حقوق الإنسان في بعثة الأممالمتحدة إلى ليبيا، كلوديو كوردون، التوصل إلى عدد محدد للنشطاء الذين تم اغتيالهم في ليبيا لأن «الأمر مستحيل» حسب وصفه، لكنه لاحظ أن وضع المدافعين عن حقوق الإنسان في هذا البلد تدهور بشكلٍ كبيرٍ منذ تصاعد القتال في مايو الماضي. وأوضح كوردون، في تصريحات صحفية أمس بجنيف تعليقاً على التقرير، أن ممثل النيابة الذي كان يحقِّق في قضية سلوى بوقعيقيص اختفى، محذراً من أن ليبيا وصلت إلى «أقصى درجات القمع منذ الثورة، والجميع معرضون للهجمات». وتعاني ليبيا من الاضطرابات منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011، وتوجد بها حكومتان وبرلمانان. ويعترف المجتمع الدولي ببرلمان وحكومة يتخذان من طبرق (شرقاً) مقراً لهما، في حين تسيطر قوات «فجر ليبيا» المدعومة من المؤتمر الوطني المنتهية ولايته على العاصمة (غرباً). ويواجه النشطاء الليبيون تهديدات وهجمات حتى عندما يفرّون إلى الخارج، بحسب التقرير الأممي الذي ذكر أن الصحفية المدافعة عن حقوق المرأة، منال البوسيفي، غادرت بنغازي في أغسطس الماضي إلا أنها تعرضت لهجومٍ في بلدٍ لم يكشف عنه التقرير. وعلى صعيد التطورات الميدانية، قُتِلَ أمس خمسة مسلحين ينتمون إلى كتيبة موالية للسلطات الحاكمة في طرابلس في هجومٍ شنه تنظيم «داعش» المتطرف على موقع هذه الكتيبة غرب مدينة سرت الساحلية، على ما أفاد متحدث ومسؤول محلي. وأوضح المتحدث باسم «الكتيبة 166» الموالية ل «فجر ليبيا»، خالد أبو جازية، أن «داعش» شنَّ هجوماً فجر أمس على نقطة حماية في منطقة المحطة البخارية على بعد نحو 15 كلم غرب سرت (450 كلم شرق طرابلس). وذكر أبو جازية، في تصريحات صحفية، أن «مواجهات دارت؛ استُشهِدَ على إثرها خمسة من عناصر قوة الحماية وأصيب اثنان آخران بجروح»، مشيراً إلى «صد الهجوم والسيطرة على الموقف». و»الكتيبة 166» مجموعة مقاتلة مكلَّفة من قِبَل «فجر ليبيا» بحماية وتأمين مدينة سرت. في الوقت نفسه، أكد مسؤول محلي في سرت حصيلة الهجوم، مبيِّناً أن «عناصر داعش استخدموا القذائف الصاروخية في هجومهم على موقع القوة المسلحة». وفي فبراير الماضي، شنَّ مسلحون هجوماً داخل سرت تمكنوا خلاله من السيطرة على الأجزاء الكبرى من المدينة وغالبية المباني الحكومية فيها، قبل أن يعلنوا أنهم ينتمون إلى تنظيم الدولة المتطرف. وتخوض قوات موالية للحكومة في طرابلس منذ نحو عشرة أيام اشتباكات عند مداخل المدينة وفي مناطق أخرى قريبة منها مع هؤلاء المسلحين. ويقول مسؤولون في العاصمة إن «داعش» تحالف مع مؤيدين للنظام السابق في هذه المنطقة، التي تضم حقولاً نفطية مهمة. وإلى جانب سرت والمناطق المحيطة بها؛ يتمركز «داعش» في مدينة درنة الواقعة على بعد نحو 1300 كلم شرق العاصمة والخاضعة لسيطرة مجموعات مسلحة متشددة. كما يؤكد مسؤولون أن للتنظيم خلايا نائمة في طرابلس ويستدلون بإعلانه مسؤوليته عن تفجيرات وقعت في المدينة خلال الأسابيع الماضية.