يواجه بنيامين نتنياهو إحدى أسوأ الأزمات التي عرفها رئيس وزراء إسرائيلي في علاقته مع البيت الأبيض الذي لا يبدي أي استعداد لقبول اعتذاراته أو تفسيراته للتصريحات التي أدلى بها في سياق حملته الانتخابية. ونشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أمس الثلاثاء تقريراً قد يزيد من حدة الأزمة؛ يقول إن إسرائيل تجسست على المفاوضات حول الملف النووي الإيراني بين طهران والقوى الكبرى. وعلى الفور؛ نفت إسرائيل هذه المزاعم ووصفتها بأنها ب «غير صحيحة» مؤكدةً أنها لم تتجسس على الولاياتالمتحدة. وأفادت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين أمريكيين سابقين وحاليين أن الهدف كان اختراق المحادثات من أجل اعتراض أي مسودة اتفاق.وتابعت نقلاً عن المصادر نفسها أن «إسرائيل – بالإضافة إلى التنصت- حصلت على معلومات من اجتماعات أمريكية سرية»، مشيرةً إلى أن ما أثار غضب البيت الأبيض خصوصاً هو أن إسرائيل أطلَعت أعضاء في الكونجرس الأمريكي على معلومات سرية على أمل نسف أي دعم للاتفاق الذي يهدف إلى منع إيران من حيازة سلاح نووي. ويعارض عددٌ كبيرٌ من الجمهوريين مثل هذا الاتفاق.ونقلاً عن مسؤول أمريكي كبير؛ كتبت الصحيفة «أن تقوم الولاياتالمتحدة وإسرائيل بالتجسس على بعضهما بعضاً شيء، وأن تسرق إسرائيل أسراراً أمريكية وتكشفها لأعضاء في الكونجرس من أجل تقويض الدبلوماسية الأمريكية؛ فإن ذلك شيء آخر تماماً».و«كشفت وكالات الاستخبارات الأمريكية التي تتجسس على إسرائيل العملية عندما رصدت محادثات هاتفية بين مسؤولين إسرائيليين تضمنت تفاصيل يُعتقَد أن مصدرها لا يمكن أن يكون غير محادثات سرية»، بحسب الصحيفة. في المقابل؛ نفى وزير الخارجية الإسرائيلي المنتهية ولايته، أفيغدور ليبرمان، ما ذكرته «وول ستريت جورنال». وقال ليبرمان «هذا التقرير غير صحيح، من الواضح أن لإسرائيل مصالح أمنية عليها الدفاع عنها، ولدينا وسائلنا للاستخبارات، لكننا لا نتجسس على الولاياتالمتحدة، هناك ما يكفي من المشاركين في تلك المفاوضات، بمن فيهم الإيرانيون».وذكر أن حكومته حصلت على معلوماتها الاستخباراتية من مصادر أخرى وليس من الولاياتالمتحدة «لأن التعليمات واضحة منذ عقود: نحن لا نتجسس على الولاياتالمتحدة سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر».وتهدف المفاوضات بين إيران ومجموعة 5+1 (الولاياتالمتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين وألمانيا) حول برنامج طهران النووي إلى التوصل لاتفاق سياسي قبل انتهاء مهلة محددة ب 31 مارس الجاري. ويُفترَض بعد ذلك أن يعمل المفاوضون على التوصل لاتفاق نهائي يتضمن كافة المسائل التقنية بحلول مطلع يوليو المقبل. وخلال حملته الانتخابية، توجَّه نتنياهو إلى واشنطن بدعوة من الجمهوريين وألقى خطاباً أمام الكونجرس للتنديد بالمفاوضات النووية، ما أثار غضب البيت الأبيض.وبحسب جوناثان رينولد الذي ألَّف كتاباً مؤخراً عن العلاقات الثنائية بين البلدين؛ فإن «العلاقات بين الحليفين لم تكن أسوأ مما هي الآن، إن الطابع العام لهذا العداء المتبادل بين نتنياهو وأوباما يمثل أدنى مرحلة في العلاقات». ولا يتذكر رينولد «أنه كانت هناك انتقادات شخصية عنيفة بشكل عام في السابق».وكانت وزارة الخارجية في واشنطن شككت في مصداقية نتنياهو وقالت مؤخراً «لا نستطيع قراءة أفكاره». ويندرج هذا الموقف في إطار انتقاد واشنطن المستمر للمواقف التي أدلى بها نتنياهو في إطار حملته الانتخابية التي أعلن فيها رفضه حل الدولتين، علماً بأنه سارع بعد فوزه في انتخابات 17 مارس التشريعية إلى تبديل خطابه مؤكداً في مقابلاتٍ عدة مع وسائل إعلام أمريكية أنه لا يرفض في الواقع فكرة قيام دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل. وأدلى نتنياهو أيضاً بتصريحات تنتقد تصويت العرب الإسرائيليين في الانتخابات التشريعية.وقبل ساعات على إغلاق مكاتب الاقتراع، وجَّه نداءً لتشجيع أنصار حزبه الليكود على الاقتراع، وقال «اليمين في السلطة في خطر، يأتي الناخبون العرب بأعداد كبيرة إلى مكاتب الاقتراع، الكتل اليسارية تنقلهم في حافلات».ولكنه عاد الإثنين واعتذر علناً عن هذه التصريحات.وفي اليوم نفسه؛ دعا الأمين العام للبيت الأبيض، دنيس ماكدونو، في خطابٍ ألقاه في واشنطن إلى «إنهاء احتلال مستمر منذ 50 عاماً» للأراضي الفلسطينية.ولم تخفف تصريحات نتنياهو التصالحية مؤخراً من قلق البيت الأبيض الذي أعلن عزمه إعادة تقييم موقفه حيال إسرائيل في الأممالمتحدة حيث واشنطن هي الداعم الأكبر للدولة العبرية. واعتبرت صحيفة «هاآرتس» اليسارية أن التصريحات الأمريكية «تُظهِر بوضوح حجم الأضرار الدبلوماسية وغيرها من الأضرار التي لحقت بصورة إسرائيل في الغرب». إلا أن صحيفة «إسرائيل هايوم» المجانية والمقربة من نتنياهو رأت أن تدخل البيت الأبيض «تجاوز بالفعل كافة الحدود». وكتبت الصحيفة «نتنياهو اعتذر، ماذا يريد البيت الأبيض أكثر من هذا؟»، وأشارت إلى أن أوباما يرغب في حكومة يسارية في إسرائيل لكن الناخبين الإسرائيليين قرروا عكس ذلك، مؤكدةً أن «على الإدارة الأمريكية احترام الناخب الإسرائيلي».