تفاقمت أزمة العلاقات الإسرائيلية- الأميركية والخلاف على تسوية الملف النووي الإيراني، بعدما أوردت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن الدولة العبرية تجسست على المفاوضات بين طهران والدول الست المعنية بالملف، وسرّبت معلومات لأعضاء في الكونغرس، محاولةً إحباط اتفاق محتمل. لكن إسرائيل نددت ب «مزاعم كاذبة» هدفها «تقويض» العلاقات مع الولاياتالمتحدة. وتثير هذه المسألة حساسية خاصة لدى الأميركيين، اذ تأتي بعد «اشتباك» بين إدارة الرئيس باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي ألقى خطاباً أمام الكونغرس قبل الانتخابات الإسرائيلية، ساعياً إلى إحباط «اتفاق سيئ» مع طهران. كما تستحضر المسألة قضية الجاسوس اليهودي جوناثان بولارد، وهو محلل سابق في البحرية الأميركية حُكِم عام 1987 بالسجن المؤبد بعد إدانته بالتجسس لإسرائيل. وأشارت الصحيفة إلى أن أجهزة الاستخبارات الأميركية اكتشفت التجسس الإسرائيلي حين كانت تتجسس على مكالمات هاتفية بين مسؤولين إسرائيليين تضمّنت تفاصيل يعتقد الأميركيون بأن مصدرها لا يمكن أن يكون سوى محادثات سرية. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين سابقين وحاليين، أن هدف تجسس تل أبيب كان اختراق المفاوضات بين إيران والدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) من أجل اعتراض أي مشروع اتفاق. وأضافت أن إسرائيل حصلت أيضاً على معلومات من اجتماعات أميركية سرية ومخبرين وديبلوماسيين في أوروبا. وأشارت إلى أن أكثر ما أغضب إدارة أوباما هو إطلاع إسرائيل أعضاء في الكونغرس على معلومات سرية، من أجل إحباط أي دعم لاتفاق محتمل مع طهران. ونقلت عن مسؤول أميركي بارز قوله: «أن تتجسس الولاياتالمتحدة وإسرائيل إحداهما على الأخرى شيء، وأن تسرق إسرائيل أسراراً أميركية وتكشفها لأعضاء في الكونغرس من اجل تقويض الديبلوماسية الأميركية شيء آخر تماماً». وركزت «وول ستريت جورنال» على الدور الذي أداه السفير الإسرائيلي في واشنطن رون ديرمر في العملية، واجتماعاته في الكونغرس لحشد معارضته اتفاقاً، من خلال إطلاعه على فحوى المفاوضات. لكن هذه الجهود أثارت ردود فعل عكسية بعد خطاب نتانياهو، وامتعاض نواب أميركيين ديموقراطيين من تصرّف إسرائيل، في شكل يقطع الطريق أمام أكثرية (67 صوتاً) في مجلس الشيوخ قادرة على تخطي «فيتو» «رئاسي»، في حال اعتراض الكونغرس على الاتفاق. وتأمل الإدارة برحيل ديرمر بعد تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة. وأعرب رئيس مجلس النواب الأميركي جون باينر عن «ارتباكه» إزاء تقرير الصحيفة، قائلاً: «لست على علم بذلك إطلاقاً». أما مكتب نتانياهو، فاعتبر التقرير «كاذباً تماماً»، مؤكداً أن إسرائيل «لا تتجسس على الولاياتالمتحدة أو حلفاء آخرين لها». وقال وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إن «التقرير ليس صحيحاً»، وأضاف: «التعليمات واضحة منذ عقود: لا نتجسس على الولاياتالمتحدة، سواء في شكل مباشر أو غير مباشر. حصلنا على معلوماتنا الاستخباراتية من مصادر أخرى، لا من الولاياتالمتحدة». وزير الشؤون الاستخباراتية الإسرائيلي يوفال شتاينتز اعتبر أن «مَن ينشرون مزاعم كاذبة، يريدون كما يبدو تقويض التعاون الممتاز بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية». وشدد وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون على أن التجسس على الولاياتالمتحدة «ممنوع في شكل تام»، وزاد: «يبدو أن أحدهم لديه مصلحة في إثارة نزاع أو مناخ سيئ في علاقاتنا». وتأتي الصفحة الجديدة في أزمة علاقات واشنطن بتل أبيب، عشية جولة مفاوضات «نووية» في مدينة لوزان السويسرية، بين وزيرَي الخارجية الأميركي جون كيري والإيراني محمد جواد ظريف.