القصص التي كنا ننتظرها من أمهاتنا حين يحين وقت النوم لم تكن تكفينا، فقصة واحدة لم تكن قادرة على إشباع شغفنا للقصص، بل كنا نتوسل لأمهاتنا من أجل مزيد من القصص التي لا ننسى تفاصيلها الصغيرة، المملوءة بالخرافة والشخصيات غير الواقعية، وحوارات الحيوان. ماكانت تحتويه تلك القصص لم يكن هو ما يشغلنا بقدر ما كنا نتمنى رؤية هذه الشخصيات الخيالية على أرض الواقع، لكن ذلك لم يتحقق. تحققت أمور مبطنة من تلك القصص التي كنا نتوق لسماعها، ترسخت لدينا من خلال تلك القصص مبادئ، وقيم بقيت مغروسة طويلاً داخل نفوسنا، مع بساطة تلك الأمور التي تناقشها تلك القصص، الخير والشر، والصدق والكذب. قيم بسيطة ولكنها تلائم نفسيات الصغار، وتزرع فيهم أموراً أبعد من أسماء تلك الشخصيات. القصص والحكايات لم تندثر، ولم يكره الصغار أو يستبدلوا القصص بأي أمر آخر، مازال الأطفال يتوسلون لأمهاتهم أن يقصُّوا عليهم القصص قبل أن يخلدوا للنوم، تستجيب بعض الأمهات لأطفالهم وتثري عقولهم بما تحتويه تلك القصص من مبادئ وقيم، والجميل حقاً هو ماتقوم به بعض الأمهات من مجهودات من أجل أبنائهم، باقتناء قصص الأنبياء والصالحين، وماتحتويه من عبر ومواعظ، ولا تخلو من الأسلوب الشيق الذي يجعل الطفل في حالة انتباه لأحداث القصة وإنهائها بشغف. مع الأسف، قد تتجاهل وتتهاون بعض الأمهات عن سرد القصص لأبنائهن، وعن ماتحتويه هذه القصص من توسيع لخيال الطفل ومداركه، ومن ترسيخ للقيم والمبادئ التي تريد زرعها في أبنائها.