الشغف المعرفي المبكر رغم براءته، إلا أنه يمثل تحدٍ تواجهه كل أم، حيث يتجسد في أسئلة لا تنتهي تتلقاها الأم من أطفالها، بعضها عادي والآخر محرج يحير الأم في الإجابة عليه ويجلب حمرة الخجل أحيانا إن حضره آخرون، فتقف الأم محرجة مترددة بين إعطاء الجواب الصحيح أو الكذب والتملص من السؤال. وفي حال أعطت الإجابة الصحيحة فكيف ستوصلها إلى عقل الطفل الصغير، وكيف ستتصرف بدون أن تكذب على الطفل؟! “ملتقى الأمهات” ناقش تلك المشكلة في هذا الموضوع.. تقول أم حمد: منذ سن الرابعة والنصف بدأ ابني بطرح الأسئلة الكثيرة عن أي شيء يقع على مسامعه عند حديثنا، لكن باعتقادي أن أكثر أسئلة الأطفال وأصعبها هو أسئلتهم عن الذات الإلهية والموت، حيث أن الكثير من الأمهات يجهلن كيفية الإجابة، وأرى أنا كأم أنه من الضروري الإجابة على أسئلة الأطفال ببساطة من الممكن أن يستوعبها عقل الطفل بدون تعقيد، كأن تقول الله هو من خلق جميع الناس، والموت هو مثل النوم لكن الإنسان لا يصحو. وقالت أم فهد: من الطبيعي أن تواجه كل أم أسئلة أطفالها المحرجة والكثيرة التي لا تنتهي، فهو يرى كل شيء بالنسبة إليه جديد على عمره الصغير ويحتاج إلى تعريفه، فإذا كانت إجابة والدته أو والده مقنعة بالنسبة إليه فعندها يشعر بثقة في النفس ويعتقد أنه اكتشف شيئاً جديداً، فأنا أتعامل مع أطفالي على هذا الأساس لكني أحيانا أواجه أسئلة في غاية الإحراج، فيوماً سألني ابني: لماذا حملتي وأختي مازالت صغيرة؟ فاحترت كيف أجيبه، عندها وضحت له أن المرأة عندما تكبر لا تستطيع الحمل فتحمل وهي صغيرة لترى أطفالها يكبرون أمامها وتستطيع تربيتهم وهي بكامل صحتها. هذا غير أسئلته العديدة عن كيفية الحمل والولادة التي أحتار كيف يمكنني الإجابة عليه بالطريقة التي يفهمها دون أن أكذب عليه، فأضطر أن أغير الموضوع. اكتشاف الأشياء وتوضح المستشارة النفسية والاجتماعية والباحثة التربوية الدكتورة شيخه العودة كيفية مواجهة الأم أسئلة أطفالها المحرجة، فتقول أن كلا الوالدين يحتاج معرفة خصائص نمو الطفل الجسمي والنفسي والعقلي، فكثير منا يركز على نمو الطفل الجسمي والفسيولوجي غير آبهين بالنمو النفسي والعقلي، وعدم التركيز على هذا الجانب هو ما يسبب كثير من المشاكل في تربية الطفل وحدوث فجوة تواصل بين الأهل وأطفالهم، فالأطفال منذ ولادتهم يلحظون الكون حولهم وتستجد أشياء في حياتهم أو حياة أقربائهم ويكتشفون أشياء أخرى تحدث لهم أو لغيرهم فيسألون عنها من باب المعرفة وليس من باب الفضول. وحين يبدأ الطفل في الأسئلة فهذا يعني أن تطوره الفكري والنفسي في حالته الطبيعية، وأي تعامل خطأ مع أسئلة الطفل تعيق نموه الفكري والنفسي، وعلى الأم أن تحتوي أطفالها وتجيبهم بالحقيقة المبسطة ولو كانت الأسئلة محرجة، فتوضح لهم ما تستطيع توضيحه وتخبرهم أن الأمور ستتضح أكثر كلما كبروا، وتبيان جزء من الحقيقة شيء هام ولا تترك الوضع غامضا عليهم. لأن عقلهم وفكرهم سيظل منشغلا في هذه الناحية وقد لا ينمو الجانب الفكري أو النفسي لدى لطفل بسبب تعلق نقطة معينة منذ الصغر عنده، ولهذا تجد كثير من الأطباء النفسانيين يرجعون بالمريض إلى مرحلة الطفولة لاكتشاف سبب تدهور أوضاعهم النفسية. القراءة والمعرفة وعن الطريقة الصحيحة لمواجهة شغف الأطفال المعرفي توصي الدكتورة الأمهات بالقراءة الدائمة وزيادة المعرفة لديهن فهذا يساعدهن على تفهم أسئلة الطفل والإجابة عليها وتوفير الكتب العلمية والاستماع والإصغاء الجيد باهتمام لكل ما يقوله الطفل وعدم السخرية منه أو توبيخه وإجراء حوار قيم وصادق وتوضيح الحقائق بصورة مبسطة تلائم تفكيره الطفولي.